للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم مات، فأخذت الدراهم فاشثريت ما يحتاج إليه وسرت نحوه.

فإذا الناس يهرعون.

فقلت: ما الخبر؟

فقيل: مات وليٌّ من أولياء اللَّه نريد أن نصلي عليه.

فجئت فغسلناه ودفناه.

فلما كان بعد مدة قدم أهله يسألون خبره، فأخبرتهم بموته.

فأقبلت امرأته باكية، فأخبرتها بحاله.

فسألتني أن أريها قبره.

فقلت: أخاف أن تُغيروا أكفانه.

فقالت: لا واللَّه.

فأريتها قبره، فبكت، وأمرت بإحضار شاهدين فأحضرا، فاعتقت جواريها، ووقفت عقارها وتصدقت بمالها، ولزمت قبره حتى ماتت.

بانوا (١) الذين تجنبوا الأشغالا … بذلوا النفوس وأنفقوا الأموالا

تركوا النساء كأنهن أرامل … قبل الممات وأيتموا الأطفالا

وتجرعوا (٢) وتعطشوا وتضمروا … طلبوا السباق وخففوا الأثقالا

وتعذبوا وتغربوا عن أهلهم … حذر الفوات وفككوا الأغلالا

فطموا عن الدنيا نفوسا طال ما … كانت تتيه على النعيم دلالا

خافوا البيات فشمَّروا بعزيمة … طلب النجاة وكابدا الأهوالا

حتى إذا بليت فنى أجسادهم … ولقوا شجونا في السرى وكلالا

وردوا جنان مليكهم فحباهم … رتبا تفوق الفرقدين مثالا

الرابعة عشر: عن أحمد بن أبي الحواري قال:- سمعت أبا سليمان يقول: خطب رجل امرأة من أهل الموصل يقال لها: (المُوق) (٣).

فقالت للرسول قل له: ما يسرني أنك لي عبد وجميع ما تملكه لي، وإنك شغلتني عن اللَّه ﷿ طرفة عين.


(١) بَان: منه وعنه بَينا: بعد وانفصل، ويقال بانت المرأة عن زوجها، ومنه: انفصلت بطلاق فهي بائن.
(٢) جَرع الماء بلعه، ويقال جرع الغيظ كظمه، وتجرع تابع جرعه كالمتكاره.
(٣) كذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>