للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت: السلام عليكن أفيكن العيناء المرضية.

قلن: نحن خدمها وإماؤها، امض أمامك.

فمضيت أمامي فإذا أنا بنهر من لبن لم يتغير طعمه في روضة فيها من كل زينة، فيها جوار، لما رأيتهن افتتنت بحسنهن وجمالهن، فلما رأينني استبشرن وقلن: هذا زوج العيناء المرضية.

فقلن وعليك السلام يا وليّ الرحمن، قد دَنَا لك القدوم علينا.

فذهبت لأعتنقها فقالت: مهلًا فإنه لم يكن لك أن تعانقني لأن فيك روح الحياة، وأنت تفطر الليلة عندنا إن شاء اللَّه تعالى.

فانتبهت يا عبد الواحد، ولا صبر لي عنها.

قال عبد الواحد: (١) فما انقطع كلامنا حتى ارتفعت لنا سرية من العدو فحمل الغلام فعددت تسعة من العدو قتلهم، وكان هو العاشر.

فمررت به وهو يتشحط في دمه، ويضحك ملئ فيه، حتى فارق الدنيا.

وللَّه در القائل:

يا من يعانق دنيا لا بقاء لها … يمسي ويصبح مغرورًا وعزارا

هلا تركت في الدنيا معانقة … حتى تعانق في الفردوس أبكارا

إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها … فينبغي لك أن لا تأمن النارا

الثانية: عن أبي قُدامة الشامي قال: كنت أميرًا على جيش في بعض الغزوات فدخلت بعض البلاد فدعوت الناس إلى الغزو ورغبتهم في الثواب.

وذكرت فضل الشهادة (٢) وما لأهلها.

ثم نفرت الناس فركبت فرسي وسرت إلى منزلي فإذا أنا بامرأة من أحسن الناس تنادي يا أبا قدامة.


(١) عبد الواحد بن زيد، أبو عبيدة البصري، العابد، القدوة، شيخ الصوية بالبصرة، روى عن الحسن وعطاء بن أبي رباح وعبادة بن نسي وعبد اللَّه بن راشد وجماعة سواهم، وعنه وكيع ومحمد بن السماك وزيد بن الحباب وأبو سليمان الداراني ومسلم بن إبراهيم وجماعة، وهو ضعيف الحديث، وقال البخاري: عبد الواحد بن زيد تركوه وقال ابن حبان: كان ممن غلب عليه العبادة حتى غفل عن الإتقان فكثرت المناكير في حديثه، توفي سنة (١٥٠) تاريخ الإسلام وفيات (١٤١ - ١٥٠).
(٢) قال تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)﴾ [آل عمران: ١٦٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>