وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي … متأخر عنه ولا متقدم
ويشعر به قوله: عبادي.
ثالثها: أنه أجمع للنفس على أداء الصلاة ونحوها ولهذا يقدم عليها.
رابعها: أنه يشعر برأفة اللَّه ورفقه بالعبد، فيولد حب في النفوس.
خامسها: أنه مذكِّر بالليل والنهار، وهما من أعجب صنع اللَّه ﷿.
سادسها: أنه معنى قول الخنساء:
تذكرني طلوع الشمس صخرًا … وأذكره لكل غروب شمس
فإنها إشارة بالطلوع شجاعة وقهرًا وإلى موائده بالغروب كرمًا وجودًا تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام.
سابعها: أنه تحقق لما يليق بالعباد والمخلوقين المحتاجين بعد السرّ فسرع صمدية أي إن أسرع العارية ردها إلى مستحقها واعتراف بأنها حقة.
ثامنها: أنه قيام بحق النفس بعد القيام بحق الرب من غير مماطلة لها فأعط كل ذي حق حقه.
تاسعها: إنه لما كان مبادر إلى الأسباب الحكمية التي عليها أم الدنيا فإنه صاحبه يخالع الخوالق الاقتدارية بعد أن يسرف بما ناله منها على خلاف القياس رجوعًا إلى حكم الدار.
عاشرها: إنه مذكِّر بربوبيته المرتبة والمالكية والسيادة كما كان الصيام مذكِّر بالرهبة والتعظيم والمسارعة في اللمحات النورانية الروحانية القدسية، وقس على هذا وتنفح النسمات.
وروينا من حديث عمر بن الخطاب مرفوعًا: "إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم" (١). أخرجاه.
(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١٩٥٤) كتاب الصوم، ٤٣ - باب متى يحل فطر الصائم؟ ومسلم في صحيحه [٥١ - (١١٠٠)] كتاب الصيام ١٠ - باب بيان وقت انقضاء الصوم وخروج النهار والترمذي في سننه (٦٩٨) كتاب الصوم، باب ما جاء إذا أقبل الليل وأدبر النهار فقد أفطر الصائم، والتبريزي في مشكاة المصابيح (١٩٨٥)، والسيوطي في الدر المنثور (١/ ٢٠٠)، والزبيدي في الإتحاف (٣/ ٣٥٢). قال النووي: قوله ﷺ "أقبل الليل وأدبر النهار وغربت الشمس" قال العلماء كل واحد من هذه الثلاثة يتضمن الآخرين ويلازمهما وإنما جمع بينها لأنه قد يكون في وادٍ نحوه بحيث لا يشاهد غروب الشمس فيعتمد إقبال الظلام وإدبار الضياء واللَّه أعلم. [النووي في شرح مسلم (٧/ ١٨٢) طبعة دار الكتب العلمية].