للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم مرَّ رجل فقال له: "ما رأيك في هذا؟ ".

فقال: هذا رجل من فقراء المسلمين، هذا حريّ إن خطب لا يُنكح، وإن شفع لا يُشفع، وإن قال لا يُسمع لقوله. فقال : "هذا خير من ملء الأرض من هذا" (١).

ولعلي كرم اللَّه وجهه:

دليلك أن الفقر خير من الغنى … وأن قليل المال خير من الثرى

لقاؤك عبدًا قد عصى اللَّه بالغنى … ولم نلق عبدًا قد عصى اللَّه بالفقر

وفي مسلم (٢) من حديث أبي سعيد الخدري قال: "احتجَّت الجنة والنار فقالت النار: فيَّ الجبارون والمتكبرون.

وقالت الجنة: فيَّ ضعفاء الناس ومساكينهم.

فقضى اللَّه بينهما إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء.

وإنك النار عذابي أُعذب بك من أشاء وكليكما عليَّ ملؤها".

وفيهما من حديث أبي هريرة: "أنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يوزن عند اللَّه جناح بعوضة" (٣).

فالإكرام والتنعيم الدنيوي ابتلاء من اللَّه لا إكرام ولابد، وأن تقدير الرزق الجاهي والمالي ليس إهانة ولابد، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٥٠٩١) كتاب النكاح، ١٦ - باب الأكفاء في الدين وقولها "وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا ومهرا وكان ربك قديرا". وابن أبي شيبة في مصنفه (١٣/ ٢٢٢)، والطبراني في المعجم الكبير (٦/ ٢٠٨)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ١٤٧)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٢٢٥٧). والزبيدي في الإتحاف (٧/ ١٠٦)، والسيوطي في الدر المنثور (١/ ٢٥٧).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [٣٦ - (٢٨٤٧)] كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، ١٣ - باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء. والترمذي في سننه (٢٥٦١) كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في احتجاج الجنة والنار وأحمد بن حنبل في مسنده (٢/ ٢٧٦، ٤٥٠، ٣/ ٧٩)، والبخاري في الأدب المفرد (٥٥٤، ٥٨٩) والآجري في الشريعة (٣٩١)، وابن كثير في تفسيره (٧/ ٣٨٢).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٧٢٩) كتاب تفسير القرآن، من سورة مريم، ٦ - باب ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ الآية. ومسلم في صحيحه [١٨ - (٢٧٨٥)] كتاب صفات المنافقين وأحكامهم والتبريزي في مشكاة المصابيح (٥٥٤٣)، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين (١/ ٣٧٦)، قال النووي: قوله، وفيه ذم السمن والحبر بفتح الحاء وكسرها، والفتح أفصح وهو العالم، [النووي في شرح مسلم (١٧/ ١٠٧) طبعة دار الكتب العلمية].

<<  <  ج: ص:  >  >>