للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ (١).

وفيهما أيضًا من حديثه: "أن امرأة سوداء كانت تقُم المسجد، أو شابًا، فقدها رسول اللَّه فسأل عنها أو عنه فقالوا: مات.

قال: "أفلا كنتم آذنتموني" فكأنهم صغَّروا أمرها أو أمره.

فقال: "دلوني على قبره" فدلوه، فصلى عليها.

ثم قال: "إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن اللَّه تعالى ينورها لهم بصلاتي عليهم" (٢). وفيه الاعتناء بقمَّام المسجد حيث سأل عنه وصلى على قبره.

وفي مسلم (٣) من حديثه: "رُبَّ أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على اللَّه لأبره".

ففيه الاعتناء بمن هذا حاله حتى يبرّ قسمه لو أقسم.

لا تغترر بالمال والفخار … كم أشعث أغبر ذي أطمار

قد صح فيه صادق الأخبار … عن النبي السيد المختار


(١) سورة سبأ (٣٧).
أي ليست هذه دليلا على محبتنا لكم ولا اعتنائنا بكم، قال أحمد في مسنده بسنده عن أبي هريرة أن رسول اللَّه : "إن اللَّه تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" ولهذا قال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ [سبأ: ٣٧] أي إنما يقربكم عندنا زلفى الإيمان والعمل الصالح ﴿فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا﴾ أي نضاعف لهم الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف تفسير ابن كثير (٣/ ٥٥٨).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٥٨) كتاب الصلاة، ٧٢ - باب كنس المسجد، والتقاط الخرق والعيدان والقذى ورقم (٤٦٠) ٧٤ - باب الخدم للمسجد وفي رقم (١٣٣٧) كتاب الجنائز، ٦٦ - باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن. ومسلم في صحيحه [٧١ - (٩٥٦)] كتاب الجنائز ٢٣ - باب الصلاة على القبر. وأحمد بن حنبل في مسنده (٢/ ٣٥٣)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٤٧)، وابن عبد البر في التمهيد (٦/ ٢٦٦)، والدارقطني في السنن (٢/ ٧٧)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (١٦٥٩).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه [١٣٨ - (٢٦٦٢)] كتاب البر والصلة والآداب، ٤٠ - باب فضل الضعفاء والخاملين وفي رقم [٤٨ - (٢٨٥٤)] كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، ١٣ - باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء والمنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ١٥٢) والزبيدي في الإتحاف (٢٢٥). قال النووي: الأشعث الملبد الشعر المغبر غير مدهون ولا مرجل، ومدفوع بالأبواب أي لا تدر له عند الناس فهم يدفعونه عن أبوابهم ويطردونه عنهم احتقارًا له لو أقسم على اللَّه لأبره أي لو حلف على وقوع شيء أوقعه اللَّه إكراما له بإجابة سؤاله وصيانته من الحنث في يمينه، وهذا لعظم منزلته عند اللَّه تعالى وإن كان حقيرًا عند الناس، وقيل: معنى القسم هنا الدعاء وإبراره وإجابته واللَّه أعلم [النووي في شرح مسلم (١٦/ ١٤٤) طبعة دار الكتب العلمية].

<<  <  ج: ص:  >  >>