للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٦ - شعراء الأندلس]

[مقدمة]

لم يكن قد مر نصف قرن على فتح الأندلس (فى سنة ٩٢/ ٧١١). حتى وجد الشعر، والموسيقى، وعلوم اللغة العربية، وغير ذلك من فروع المعرفة موطنا آخر من مواطن الرعاية، فى قرطبة، مقرّ ملك عبد الرحمن الداخل الأموى (١٣٨/ ٧٥٦ - ١٧٢/ ٧٨٨) المستقل عن العباسيين، وكان الحكام الأول أنفسهم بين أقدم من نعرف من شعراء الأندلس، وعلى ما نعلم، فى الوقت الراهن، بدأ كذلك فى أيام عبد الرحمن الأول الاشتغال بالعلوم التى كانوا يتدارسونها فى القسم الشرقى من الدولة الإسلامية، ومما يذكر فى هذا المقام، أن اللغوى الفقيه والمفسّر الأندلسى/ أبا موسى عبد الرحمن بن موسى الهوّارى، التقى فى رحلته إلى المشرق بكثير من نظرائه. ومنهم فى العراق الأصمعى، وأبو زيد الأنصارى، وغيرهما. وكذلك رحل معاصره الغازى ابن قيس (المتوفى سنة ١٩٩/ ٨١٥) إلى العراق، وبعد عودته إلى الأندلس أذاع بها «موطّأ» مالك بن أنس (المتوفى سنة ١٧٩/ ٧٩٥). هذا ونعلم أيضا أن جودى بن عثمان النحوى الأندلسى (المتوفى سنة ١٩٨/ ٨١٤) أدخل كتاب النحو الذى وضعه الكسائى اللغوى الكوفى، إلى الأندلس (انظر: باب علوم اللغة). أما فيما يتعلق بفن الشعر، فلا شك فى صحة القول بأنه كان بين فاتحى الأندلس بعض الشعراء الذين استقرّ بهم المقام هنالك من بعد، وأقدم من أدركناه من الشعراء هو أبو الأجرب جعونة بن الصّمّة الكلابى (المتوفى قبل سنة ١٣٨/ ٧٥٦، يأتى ذكره ص ٦٧٤) الذى جعل ابن حزم الأندلسى (٤) فى طبقة جرير والفرزدق. ومما لا يكاد يعتوره شك» أن الحكام الأمويين فى المغرب (•)، وهم أنفسهم من الشعراء، كانوا على علم بدواوين الشعراء القدامى، التى كانت ذائعة منتشرة فى المشرق، وكانوا أيضا يعرفون معاصريهم من الشعراء العباسيين، الذين تجاوزت شهرتهم حدود أقاليمهم وهم بعد أحياء، ولا يخفى فوق ذلك أن المسلمين، تحفزهم الرحلة لأداء فريضة الحج، قد نمت


(٤) «رسالة فى فضل الأندلس»، نقلها إلى الفرنسية شارل بلا فى andalus ٩ /١٩٥٤ /٩١: راجع: إحسان عباس، تاريخ الأدب الأندلسى، ص ٣٣.
(•) المقصود هنا بالمغرب الأقاليم الغربية من العالم الإسلامى ومنها الأندلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>