هو محمد بن مناذر، ويكنى أبا جعفر (أو أبا عبد الله أو أبا ذريح)، أصله من أسرة من عدن، وكان مولى، ارتحل فى صباه إلى البصرة ليطلب الفقه والحديث والأدب، وهنالك اشتهر بالشعر، والظاهر أنه انتقل بعد عام ١٥٨/ ٧٧٥ إلى بغداد، مادحا المهدى (انظر الأغانى ١٨/ ١٧٠)، وفيها التقى أيضا بهارون الرشيد، نفى من البصرة بعد أن أقام فيها دهرا، ومات فى مكة، مكفوف البصر، بعد الحج سنة ١٩٨/ ٨١٤ بقليل (انظر: الأغانى ١٨/ ٢٠٩).
وكان يعدّ حجة فى العربية (انظر: الأغانى ١٨/ ١٦٩، ١٧٠)، روى عن الخليل بن أحمد (المتوفى سنة ١٧٥/ ٧٩١)، وكان يملك كتابا للعروض بدوائره (ولعله للخليل)، (انظر: الأغانى ١٨/ ١٨٧)، على أن يحيى بن معين (المتوفى سنة ٢٣٣/ ٨٤٨)، الذى أخذ عن ابن مناذر روايات عن الخليل بن أحمد، وروى أيضا فيما يظهر شعر ابن مناذر، لم يكن يرى له شأنا فى علم الحديث (انظر: الأغانى ١٨/ ٢٠٨ - ٢٠٩)، ونحا ابن مناذر فى شعره نحو عدى بن زيد (انظر: الأغانى ١٨/ ١٧٥)، وعدّه ابن المعتز (طبقات الشعراء، ط. ثانية ١٢٥) من حذّاق المحدثين.
وحاول ابن مناذر فى غير طائل أن يحمل اللغويّين: أبا عبيدة، وخلف الأحمر، على أن يوازنا بين شعره وشعر الجاهليين، بمعايير لغوية وشعرية خالصة، ودون اعتبار لما بين شعره وشعرهم من فارق الزمان (انظر: طبقات الشعراء لابن المعتز، ط. ثانية ١٢٢، الأغانى ١٨/ ١٧٤ - ١٧٥).