المأثور منذ نهاية القرن الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى (ومن رواتها: المفضّل الضّبّى، وأبو عبيدة، والأصمعى، وابن الأعرابى، وأبو عمرو الشيبانى، فى المفضليات رقم ١٢٦، ولها رواية لا نعرف من أعدها، وليست لهؤلاء الأعلام، وربما كانت لابن حبيب، توجد فى شرح السكرىلديوان الهذليين، طبعة ثانية ١، قصيدة رقم ١). واستدل بلاشير على ذلك بعدة أدلة، منها: أن هذه المرثيّة كادت، فى منتصف القرن الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى، تعدّ نسيا منسيّا، وقد استنتج هذا من سؤال المنصور الخليفة (حكم ١٣٦ هـ/ ٧٥٤ م- ١٥٨ هـ/ ٧٧٥ م) عن أحد فى محيطه يستطيع أن ينشد هذه القصيدة كاملة، فلم يجد سوى مؤدّب مغمور قام بإنشادها (الأغانى ٦/ ٢٧٢ - ٢٧٤). وربط بلاشير هنا بطريقة مضللة قضية الأصالة بقضية الرواية. لقد كانت أشهر أبيات هذه المرثية معروفة بصفة عامة عند المثقفين، كانت معروفة مثلا- لمعاوية بن أبى سفيان (انظر: معاهد التنصيص ٢/ ١٦٤)، والحجاج بن يوسف (انظر: العقد الفريد ٥/ ٢٤) وللمنصور أيضا، ولولا معرفة المنصور بها لما طلب أن يسمعها كاملة. وقد لحنت أبيات منها كثيرا (الأغانى ٦/ ٢٦٥)، وممن لحنها ابن محرز (المتوفى نحو ١٤٠ هـ/ ٧٥٧ م)(انظر: الأغانى ٦/ ٢٧٢)، وتثبت كثرة الاختلافات فى المفضليات، أن القصيدة كانت معروفة فى القرن الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى، بروايات كثيرة. وأحد رواة الأصمعى، واسمه ابن أبى طرفة الهذلى (المفضليات ١/ ٨٦١ سطر ١٠)، قد ذكر كثيرا فى أخبار الهذليين وأشعارهم، بصفة خاصة (انظر: الأغانى ٥/ ٦٦، والمعانى، لابن قتيبة ٥٩، ٥٢٠ وعيون الأخبار، لابن قتيبة ٢/ ٦٨، والحيوان، للجاحظ ٤/ ٢٦٧)، وقيل: إنه أعلم راوية بشعر تأبّط شرّا (الشعر والشعراء، لابن قتيبة ١٧٤). فإذا كانت هذه المرثية قد هذّبت، فقد تم هذا قبل عصر المنصور، وإذا كانت قد نسيت، فلا يمكن أن تقدم بعد ذلك على نحو أجمل وأكمل، وليس ثمة منطلق فى القصة السابقة، ولا فى رواية القرن الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى، كان المنصور قد شكا من جهل قومه، وعدم قدرتهم على رواية هذه القصيدة، وكان موت ابنه جعفر سبب هذا الطلب، وأراد المنصور أن يسلى عن نفسه، وقد جمعت المفضليات لابن آخر من أبنائه، وهو المهدى، الذى أصبح خليفة فيما بعد، وهو مجموعة من القصائد المختارة المعروفة.
ترجع المخطوطات التى وصلت إلينا من الديوان إلى صنعة السكرى وشرحه، وتقوم بالتالى على روايات الأصمعى، وأبى عمرو الشيبانى، وابن الأعرابى عن الرياشى، وابن حبيب. (انظر: مقدمة هل للديوان j.hell ,ienl.zumdiwan ,s.٤ - ٦. وما كتبه بروينليش، فى دراساته لأبى ذؤيب E.Braunlich ,Abu u'aib -Studien ,S.٤ - ٥. وعن المخطوطات انظر: ما سبق ذكره ص ٤٥، فى كتابنا هذا، ونشرها يوسف هل، مع ترجمة إلى اللغة الألمانية، انظر: