للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونولدكه (١٧٤) كانا أول من شغلا بقضية أصالة الشعر العربى، وقد بالغا فى فهم ما ورد فى المصادر عن دور هؤلاء الوضّاعين، ومن المؤكد أن كلا العالمين- آلورد ونولدكه- لم يفيدا من كثير من المصادر، ومع هذا فإن الكتب التى عادا إليها تضم بضع ملاحظات لو أحسنا تدبرها لعصمتها من الأحكام المتحيزة «إن موقفهما يفهم من خلال شكهما فى مادة بحثهما، وهو ما أدى أثناء بحوثهما المتأخرة إلى حكم يزرى بالقيمة الفنية للشعر العربى» (١٧٥). ومما يثير العجب حقا أن بعض العلماء الأحدث عهدا، ومنهم بلاشير (١٧٦) قد بالغوا مبالغة شديدة فى بيان إمكان الوضععلى يد حماد وخلف من الوجهة التاريخية.

إن المبالغة فى فهم الأخبار التى تجرح حمادا الراوية وخلفا الأحمر ينبغى فى الواقع أن توضع فى نصابها الصحيح، من خلال نتائج البحوث الحديثة، فإذا غضضنا النظر فى المستوى الحالى لمعارفنا عن التدوين المبكر للشعر وجمعه المنظم فى عهد الأمويين، فإننا نفكر على النحو الآتى: فى سنة ١٨٩٧ قام جولدتسيهر بجمع المعلومات الواردة فى المصادر، فى إطار بحثه عن دواوين القبائل، وبتحديد قيمتها والإفادة منها، وفى هذه المصادر أن بعض دواوين القبائل كانت موجودة فى العصر الأموى، حتى إن المفضّل الضّبّى (المتوفى نحو سنة ١٧٠ هـ/ ٧٨٦ م أو قبيل ذلك) - وكان معاصرا لحماد (المتوفى سنة ١٥٥ هـ/ ٧٧١ م) وخلف (المتوفى نحو سنة ١٨٠ هـ/ ٧٩٦ م) - قد استقى مادة مختاراته الشعرية (المفضّليّات) من تلك الدواوين، وأن معاصره أبا عمرو الشّيبانى (ولد نحو عام ٩٠ هـ/ ٧١٠ م وتوفى ٢٠٦ هـ/ ٨٢١ م) قد تلقى من المفضل رواية دواوين القبائل، وكانت تربو على ثمانين ديوانا (١٧٧)، لقد رواها عن المفضّل الذى قيل إنه شكا


(١٧٤) انظر: ما كتبه نولدكه. Noldeke ,Beitrage S.VI:
(١٧٥) انظر: ما كتبه جرينيباوم فى بحثه عن دراسة الأدب العربى فى الغرب، ضمن كتابه عن النقد وفن الشعر:
G. E. Von Grunebaum, Zum Studiumderarabis chen Literatureim Westen, In: Kritikund Dichtkunst, Wiesbaden ١٩٥٥, S. ٩.
(١٧٦) انظر: ما كتبه بلاشير، فى. Blachere ,Historie ٩٩:
(١٧٧) انظر: ما كتبه جولد تسيهر من ملاحظات على دواوين القبائل العربية:
I. Goldziher, Some Notesonthe Diwansofthe Arabic Tribes, in: JRAS ١٨٩٧ P. ٣٢٥ - ٣٣٤.
وقد نشر هذا البحث ضمن الأعمال الكاملة له. Gesammette Schriften IV ,١١٩ - ١٢٨:
(*) وقد ترجم الأستاذ الدكتور حسين نصار هذا المقال إلى اللغة العربية، ونشر فى مجلة الثقافة، عدد ٦٣٣ فى ١٢ فبراير ١٩٥١ - المترجم

<<  <  ج: ص:  >  >>