للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى نشوء المزدوج (٣٣) وطريف أن نذكر فى هذا الصدد ملاحظة البيرونى عن منظومة فى الفلك، أنها فى رأيه محاكاة لكتب هندية فى الزّيج، نظمت بنمط الشعر المعروف باسم شلوك، (٣٤) (sloka) وعلى نفس النحو ألف الفزارى- وكان فلكيا ببلاط المنصور- منظومته المشهورة «القصيدة فى علم النجوم». أما الأمثلة المذكورة عند البيرونى (إفراد المقال ١٤٢ - ١٤٤) فتتكون من أبيات، لكل ثلاثة منها قافية واحدة (انظر: تاريخ التراث العربى. (v ,٢١٦ - ٢١٧

وإلى جانب هذا الضرب من المنظومات التعليمية، ذات المحتوى للعلوم الطبيعية، ظهر شعر المزدوج القصصى، وهو نوع جديد، اكتسب فيما يبدو درجة من الشعبية. إن البدايات الأولى فى اللغة العربية غير معروفة لنا حتى اليوم، كان أبان اللاحقى (المتوفى ٢٠٠ هـ/ ٨١٥ م، انظر: ص ٥١٥ من هذا الكتاب) شاعرا من الموالى، وقد أفاد كثيرا من هذا الضرب، نقل أبان كتاب «كليلة ودمنة» فى قصص الحيوان، ونقل عدة كتب فى التاريخ من الفارسية الوسيطة (•) إلى العربية فى نظم المزدوج، وألف على بن الجهم (يأتى ذكره ص ٥٨٠) وعبد الله بن المعتز (يأتى ذكره ص ٩٦٥) وابن عبد ربه (يأتى ذكره ص ١٨٦)، وغيرهم منظومات تاريخية من هذا الضرب.

أما نظم اللغويين والفقهاء والمؤرخين ورجال الدولة فقد عرف فى العصر الأموى، وانتشر فى العصر العباسى، كما يتضح من الفصول الخاصة بذلك، وتأتى فى كتابنا، وكان لسراة القوم، ممن جمعوا المعرفة وتشجيع العلماء، دور كبير فى الحياة الثقافية.

وزاد الشعر السياسى، وشعر الصوفية، وشعر الفرق- وترجع بداياته أيضا إلى العصر الأموى- زيادة مطردة، ومن بين عناصر الشعر الصوفى- ونعرفه مثلا عند الحلاج (يأتى ذكره ص ١٥٦ - ٣٣٦) نذكر الزهد/، ، وكان موضع التقريظ عند شعراء كبار مثل أبى نواس، وأبى العتاهية، فى زهدياتهم (٣٥)


(٣٣) انظر حول هذا الموضوع: ما كتبه أولمان، فى دراسات عن شعر الرجز ورأيه مخالف لرأى جرونيباوم
m. ullmann, untersuchungenzu rragazpoesie, wiesbaden ١٩٦٦, s. ٤٧ ff.
(٣٤) قارن: كتاب «تحقيق ما للهند» للبيرونى، ١١٥، والترجمة الإنجليزية ١/ ١٤٧.
(•) المقصود بها الفارسية قبل الإسلام مباشرة، وهى المعروفة باسم البهلوية- المترجم
(٣٥) انظر حول هذا الموضوع أيضا: بحث جرونيباوم عن الشعر العربى طبيعته وتطوره

<<  <  ج: ص:  >  >>