وهذه قد سبقت قديما كما ذكر الله عن نوح لما ساومه الملأ في التخلي عن أفراده المؤمنين معه متهمين لهم بأنواع التهم والجرائم والتي على حسب زعمهم تمنع الناس من الإيمان معه (قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ)(الشعراء: ١١١)، فقال لهم (وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ)(الشعراء: ١١٤)، ثم رد على تهمهم (إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ)(الشعراء: ١١٣).
١١٠ - بَشِّر إذا حلكت الأزمات وثبِّت من حولك، فقد بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم في أشد حالة في الخندق حينما اعترضتهم الصخرة (١).
(١) - قولنا «حينما اعترضتهم الصخرة»، فيها حديث حسن صحيح أخرجه أحمد برقم ١٨٧١٦ عن البراء بن عازب قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق قال وعرض لنا صخرة في مكان من الخندق لا تأخذ فيها المعاول قال فشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عوف وأحسبه قال وضع ثوبه ثم هبط إلى الصخرة فأخذ المعول فقال بسم الله فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر وقال الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا ثم قال بسم الله وضرب أخرى فكسر ثلث الحجر فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله إني لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا ثم قال بسم الله وضرب ضربة أخرى فقلع بقية الحجر فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا. قلت: سنده فيه ميمون أبو عبدالله ضعفوه ووثقه ابن معين مرة ووثقه ابن حبان وقال الحافظ في الفتح بعد إيراده هذا الحديث (٧/ ٣٩٧) بإسناد حسن من حديث البراء بن عازب، وقال الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف (١/ ١٨١)، وذكره عبدالحق في أحكامه في كتاب الجهاد من جهة النسائي وسكت عنه فهو صحيح عنده على قاعدته في ذلك. قلت: الخلاصة، الحديث حسن صحيح. وله شاهد حسن عند النسائي برقم ٣١٧٦ عن أبي سكينة وفيه زيادة حسنة وهي «فرفعت لي مدائن الحبشة وما حولها من القرى حتى رأيتها بعيني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك دعوا الحبشة ما ودعوكم واتركوا الترك ما تركوكم». وحسنه الألباني وهو كما قال.