للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذا أمرهم الشرع عند إهلاك النظام الفاسد للشعب بأقل إجراء شعبي سلمي عام هو «لو أن الناس اعتزلوهم» (١)، وهي المقاطعة الشعبية العامة للنظام حتى في أخص مؤسساته «لا تكن لهم جابيا ولا شرطيا ولا عريفا ولا خازنا» (٢)، ومع كونها أقل تكلفة للشعب فهي أشد وأقوى فتكا بالفساد والمفسدين من حاكم ونظام.

ولا يسمى صبرا السكوت عن مناكر ومفاسد الحاكم المفسد في الأرض، بل استضعافا واستكانة وذلا، وهو الاستضعاف الباطل الاعتذار به في الآية.

ولا يجوز إلا للرجال المستضعفين من المسنين والعجزة، أو النساء والولدان الضعفة، ولا يسمون كذلك حتى يبلغوا درجة العجز عن أي حيلة أو أي طريق لدفع الفساد عنهم (لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) (النساء: ٩٨).

- نصرة المستضعفين فرض:

وفرضٌ نصرة هؤلاء وإنقاذهم برفع يدٍ مفسدةٍ عنهم من حاكم، أو نظام عصابة إجرامية.

فإن لم ينقذوا إلا بالقوة المسلحة وجب ذلك للنص في (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا) (النساء: ٧٥).

فإن كان هذا في غير بلاد الإسلام في دولة كفر؛ فإنقاذهم على كل قادر من أهل الإسلام وغيره، سواء كانوا مستضعفين من الأقليات المسلمة أو غير المسلمة.

لأن إنقاذ الأنفس المستضعفة من متلفٍ بظلم، واجبٌ مطلق.

وقولنا «واجب مطلق» ليشمل إنقاذ المستضعفين في الأرض، من مسلم وغير مسلم.

فإن كان في بلاد الإسلام من حاكم ظالم مفسد، فالواجب على أهل الإسلام.

ولا تدخل قوة لدولة الكفر بلاد الإسلام؛ لأن المفسدة لا تدفع بمثلها أو أعلى؛ ولأن أهل الإسلام على قدرة من رفع الظلم وإنقاذ الضعفة.


(١) - تقدم تخريجه.
(٢) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>