للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) (النساء: ٨٣)، وهذا من أعظم الأمور المتعلقة بالأمن والخوف فدخل في حكم الآية.

[النوع الثالث: الأجواء الشخصية الخاصة]

أما الأجواء الخاصة فهي ما يختص بها المالك للأرض أو العقار من أجواء تابعة لملكه.

فله حق استغلالها بالبناء والاستثمار التجاري والانتفاع بأنواعه؛ لأن من ملك الأرض ملك سماءها ضرورة.

لأن هذا هو المقصود من امتلاك الأرض في سائر الانتفاعات، وإلا لأدى إلى إبطال الانتفاع بأي أرض إلا ما كان ذاهبا إلى جوفها كحفر بئر، وهذا إبطال للحياة الإنسانية؛ لأن الأرض ينتفع بها للسكن والزرع والبناء، وكل هذا انتفاع بهواء الأرض ضرورة.

وقد جعلها الله من النعم العامة (وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا) (الأعراف: ٧٤).

فالأرض حقيقة هي فرش لقواعد البناء والنبات وأساسه وأصله، وأما غايته فلا تكون إلا في جهة السماء، وهذا عندي من تفسير قوله تعالى (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة: ٢٢).

أي للافتراش الأفقي والسعة، والسماء لعلو البناء وارتفاعه.

والدليل على هذا التفسير أن الآية نص في تمليك الانتفاع بدلالة اللام (لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاء) (البقرة: ٢٢).

ولو كان المقصودُ أن الله جعل السماوات السبع التي عنده لنا بناء لكان التمليك في اللام غير مفيد، لا تملكا ولا انتفاعا (١).


(١) - وهل سُبِقْتَ إلى هذا الاستنباط؟ سؤال سيطرحه بعض، وجوابه أن علم القرآن لم يحط أحد به؛ لأنه منزل معصوم على وجه الإعجاز لسائر الناس إلى يوم القيامة، فيستنبط منه علماء كل عصر أحكام الحوادث في عصرهم، ولا يلزمهم تكليفا الإحاطة بما لم يحدث في غيره، وقد جريت في تأليف كتابي هذا على تقديم مسائل العصر للناس بأحكامها المستنبطة من القرآن والسنة وما هو راجع إليها من: المقاصد، والأصول، والقواعد، والعلل، والحكم، مقتصرا على ذلك؛ لأني على يقين قطعي أنهما يتضمنان ذلك (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً =

<<  <  ج: ص:  >  >>