ولا أذكر الآن نصا صحيحا صريحا يدل أنه قطع في تلك الحادثة فإن اختلفت الروايات أورثت الشبهة (١).
[أما الضمان والكفالة]
فالضمان إما على الأموال، أو على من تعلقت بهم الأموال من الأشخاص.
فأما الأولى: فهي أن أموال الناس محفوظة بحفظ الشرع، فمن أهدر الحفظ فقد اعتدى، والعدوان محرم (وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ)(البقرة: ١٩٠).
ولا يجوز أن تصل أموال الناس إلى بعضهم إلا بطريق من طرق خمس: معاوضةُ بيع أو تجارة. أو معاوضة إكرام وتعويض وهي ما لا يقصد به الربح. أو طريق التبرع والتبرر. أو طريق الفرض الشرعي كالمواريث والزكوات والإنفاقات. أو طريق الإرفاق وهي تشمل اللقطة والوديعة.
وكل طريق غير هذه لوصول أموال الناس إلى بعضهم فهي محرمة؛ لأنها إما غصب، أو سرقة، أو خيانة، أو خداع وغش.
وسواء وصل إليه بهذه الطرق: سهماً أو نقداً أو عيناً أو حقاً أو منفعة.
[أنواع الضمان]
والضمان وارد للأموال في جميع هذه الطرق.
فضمان التجارة ما أتلفه المشتري حال السوم وما أتلفه المضارب والمستأجر والأجير في العمل أو النقل، وما أتلفه الوكيل التجاري، وضمان الدرك، وضمان العيب، وضمان الجودة، وضمان توفير غيارها وصيانتها، وضمان الصلاحية، وضمان المواصفات المطابقة، أما ما كان في الإرفاق فضمان الودائع، وضمان المرهون، وضمان العواري.
وأما الضمان على الأشخاص: فضمان حضوري، أو ضمانٌ تجاري مسلم أو خطاب بنكي،
(١) - ثم تتبعت طرق هذا الحديث، أعني حديث «فهلا كان قبل أن تأتيني» فوجدت اختلاف الأئمة فيه، فمنهم من أعله بالاضطراب. وأما حديث «أيما حد بلغني فقد وجب» فأعله الدارقطني بالإرسال. وقال عبد الحق -كما نقله عنه ابن الملقن في البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير (٨/ ٦٥٢): لا نعلم يتصل من وجه يحتج به. قلت: وما ذهبت إليه هو ما رجحه الإمام أبو حنيفة عليه رحمة الله.