للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمرضى والمرجفون هم: أهل النفاق العملي ممن عمل بعمل المنافقين ولم يبطن الكفر الأكبر.

فهؤلاء جميعا ملعونون لا ولاية لهم ولا طاعة، بل قد ينفوا من أماكنهم إن اشتد ضررهم الاجتماعي وفسادهم (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً) (الأحزاب: ٦٠).

أي: إن لم يكفوا عن أعمالهم المفسدة فسنحملك على إخراجهم من المدينة.

ومن كان حقه الطرد والنفي من الأرض لأعماله الفاسدة، فكيف يكون حاكما! ؟

بل يجب أن يكون شرط الحاكم مسلما عدلا.

فشرط الإسلام خرج به الكافر، والعدالة خرج بها الفاسق العامل بأعمال أهل النفاق، وسواء كان منافقا أكبر أو مريضاً ومرجفاً بنفاق عملي.

وأشهر الصفات العملية الظاهرة لهم: الكذب، والخلف، والخيانة والفجور في الخصومة وترك العدل فيها (١).

ونُصَّ على هذه الأربع لأنها أظهر وأشهر وأضبط الصفات، فيسهل معرفتها للناس.

[المسألة الثانية]

لا يطاع مطلقا من غلب عليه الفساد، لقوله تعالى (وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ* الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) (الشعراء: ١٥١ - ١٥٢).

وقلنا من غلب عليه الفساد؛ لأنه مقتضى الإسراف المذكور في الآية، المفسر فيها بأنهم المستمرون على الفساد في الأرض، ومستمرون على ترك الإصلاح في الأرض.

والغلبة تشمل الكثير من الفساد ومناصفته فما فوق (٢)؛ لأن الله ذكر عن فرعون كثرة الفساد وهو غالب (فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ) (الفجر: ١٢)، فإن ندر فلا يشمل.

وقولنا: «المستمرون»؛ لأنه مقتضى ما يفيده الفعل المضارع في (الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) (الشعراء: ١٥٢).


(١) - هذه الصفات مذكورة في الأحاديث فمنها ما أخرجه البخاري برقم ٣٣ ومسلم برقم ٢١٩، واللفظ للبخاري عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» ..
(٢) - تقدم تخريج الحديث في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>