للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون منعه مع قدرة الدولة وحاجة الشعب وفاقته مشقةً وضرراً، وهي مذمومة؛ لذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم على من شقَّ على الرعية «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه» (١)، وهذا منه.

ومما قلناه تُفهم شروطٌ للإقراض:

الشرط الأول: الآلية المنظمة لذلك؛ لأن الإقراض بدونها خبط عشواء تترتب عليه مفاسد كثيرة وفساد.

والشرط الثاني: إقرارُ ذلك من نواب الشعب أو جهة مخولة بتقنين يخدم مقاصد الشريعة في التيسير على الناس، وحفظ مصالحهم وأموالهم؛ لأنه إن لم يكن بتخويل من جهة تنوب عن الشعب دخل فيه فساد وعبث وتحكم بالهوى.

والشرط الثالث: أن يكون القرض للمواطنين، لا لدولة أخرى، فسيأتي تفصيل هذا؛ لأن أحقيتهم في القرض مقدمة؛ إذ المال مالهم، ويجب أن تعود منافعه لهم، والقرض عقد إرفاق من أعظم المنافع والمصالح؛ فهم أولى به.

والشرط الرابع: أن يكون الإقراض بلا فوائد ربوية.

والشرط الخامس: غلبة المصالح في إقراض الناس، وعدم الضرر على المال العام.

[حكم الاقتراض بالربا لبناء مسكن أو شراء سيارة]

ودليل حرمة الإقراض بالربا ظاهرٌ؛ لأنه محرم قطعيا بالنص (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) (البقرة: ٢٧٥)، ويحرم على الدولة فعل ذلك، ولا يجوز الدخول من أحد في هذا العقد قطعي التحريم.


(١) - حديث «من ولي من أمر أمتي شيئا ... » أخرجه الإمام مسلم برقم ٤٨٢٦ عن عبدالرحمن بن شماسة قال: أتيت عائشة أسألها عن شيء، فقالت: ممن أنت؟ فقلت: رجل من أهل مصر. فقالت: كيف كان صاحبكم لكم في غزاتكم هذه؟ فقال: ما نقمنا منه شيئا إن كان ليموت للرجل منا البعير فيعطيه البعير والعبد فيعطيه العبد ويحتاج إلى النفقة فيعطيه النفقة. فقالت: أما إنه لا يمنعني الذي فعل في محمد بن أبي بكر أخي أن أخبرك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به».

<<  <  ج: ص:  >  >>