وجعلنا الحرية مقصداً حاجياً، وجعلنا الجماعة مقصداً ضرورياً؛ لأن الحرية يمكن بدونها عيش مع مشقة وعنت، بخلاف الجماعة، فإهدارها إهدار للضروريات: النفس والمال والعقل والدين والعرض.
والصناعة والإنتاج بأنواعه والاستثمار من الحاجيات المعاصرة التي تنزل منزلة الضروريات؛ لأن انعدامها يخرج الشعب من حياة الاستقلالية والقوة والتمكين إلى الحاجة والتبعية والارتهان للآخر والضعف، وهذه مفاسد كبيرة.
[٢ - الشراكة الوطنية الحقيقية الواسعة في إدارة البلاد]
والشراكة الوطنية في إدارة البلاد من العدول ذوي الكفاءة والقوة من الحكمة؛ كونها توزع المسئولية والمساءلة والتكليف بالحفظ والحماية والبناء العام لكل ما يحقق المصالح العامة ويدفع الفساد والمفاسد، وتوزيع المسئولية في هذه المعاني حماية وحفظا هو تعاون على البر والتقوى، وهو مطلوب شرعي.
وكذا توسع قاعدة صناعة القرار بالمشاركة الفعلية في إدارة الحكم، أو المشاركة الحقيقية في اختيار من يدير الحكم اختيارا حرا وشفافا ونزيها بعيدا عن الالتفاف والتحايل والمكر والخداع السياسي، وعن التحالفات المصلحية التي لا تنظر إلى المصالح العامة للأمة، مقدمة مصالحها الذاتية الخادمة للبقاء المعمر في مراكز القرار لأشخاص أو عائلة أو فئة أو منطقة أو قبيلة أو نسب.
فإن الشراكة الواسعة أو الكاملة من مقاصدها منع تقديم المصالح الخاصة على المصالح الوطنية العليا والعامة للبلاد والعباد، وهذه مصلحة عامة عظيمة معتبرة فطلبت.
ولأنها تحقق التعاون الشعبي العام بين الدولة، وفئات الشعب ومكوناته ومؤسساته الحقوقية والنقابية والتنموية والخيرية؛ لوجود الباعث الذاتي الحامل على التعاون بالفطرة والديانة نظرا لما يراه الشعب ويلمسه من تحقق مصالحه على أرض الواقع.
وقولنا «بالفطرة والديانة» لأن الإنسان بفطرته تعاوني، والدين جار على وفق الفطرة الإنسانية، يقول تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ)