للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العدة ثلاثة أطهار أو ثلاث حيض أو كلاهما]

وقلنا «أو أطهار»؛ لأن الله أمر بثلاثة قروء، وهو لفظ مشترك فيهما، كحكم شرعي لمسألة واقعية أكثرية بين الناس، فعلم أن هذا اللفظ مقصود بمعنييه.

إذ لا يمكن أن يجمل الله الحكم في مسألة تعم الكافة بتكرار كثير دائم، فعلم حمله على معنيين، ويترك للفقيه تقدير ذلك بحسب مقتضيات المصلحة في اختيار أحد المعنيين أو كليهما.

فمن عمل في العدة بالحيض فقد أصاب ما أمر الله به في اللفظ المشترك (قُرُوَءٍ)، ومن عمل بالأطهار فقد أصاب ما أمر الله به في اللفظ.

وبدليل تأنيث ثلاثة قروء.

والتأنيث في العدد (ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ) لا يكون إلا لمذكر؛ فكان التقدير ثلاثة أطهار وجعل في آية أخرى الأشهر بدلا عن الحيض (وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) (الطلاق: ٤)، فدل على جواز العدة بهذا أو بهذا لاقتضاء أحدهما الآخر لتلازمهما طبيعة وخلقة، ولا توصف من لم تحض، أو انقطع عنها الحيض يأساً أو حملاً أنها طاهرة.


= وقد حسن الحافظ في تغليق التعليق (٤/ ٤٦٠) ط/ المكتب الإسلامي قصة خلعها في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه من غير ذكر هذه الزيادة، بل أنها افتدت بما دون عقاص شعر رأسها.
ثم ذكر شاهدا لها في الموطأ ونقل في الموطأ برقم ١١٧٦ عن ابن المسيب وابن شهاب وسليمان بن يسار أنهم كانوا يقولون عدة المختلعة مثل عدة المطلقة ثلاثة قروء. قلت: وبعد هذا التحقيق يتبين ما يلي:
١ - شذوذ ونكارة زيادة «أن تعتد بحيضة» لمخالفة الضعفاء فيها للثقات ولمخالفة كل من روى القصة من الصحابة.
٢ - نكارة زيادة «وأزيده»، يعني تزيده على ما أعطاها.
٣ - أن أحاديث زيادة «أن تعتد بحيضة» أعلها وضعفها الأئمة الأثبات، منهم الترمذي والحاكم والذهبي والدارقطني والبيهقي وابن عبدالهادي والإمام أحمد وأبو داود وغيرهم، وهو الراجح، فما ذهب إليه البعض من تصحيح هذه الزيادة غير صحيح، وأما العلامة الألباني فقد صحح في هذا الباب جميع الأحاديث المتناقضة من ناحية الفقه فغفر الله له.

<<  <  ج: ص:  >  >>