للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن التصرف في الوقت في الفترة الصباحية والمسائية هو حق للشخص، وإنما قيد في الصباحية لأنه مقتضى العقد الوظيفي مع الجهة، فبقي وقته في الفترة المسائية حقا محضا له يتصرف فيه كيف شاء.

فمن منعه بلا مانع معتبر شرعا فهو معتد (١)، إلا في حال تأثيره على عمله تأثيرا ظاهرا، أو كون العقد حصريا (٢)، وسيضر عمله مع الآخر بالقطاع الذي يعمل فيه، وكان الشرط جائزا حينئذ؛ لأنه يدفع الضرر؛ ولأن العقود لا تتضمن الأضرار.

[التأجير في الحرام حرام]

ولا يجوز التأجير لمن يستعمله للحرام كالمراقص الماجنة، والفنادق الخليعة، أو بارة خمر، أو عصابة سرقة، أو قطاع طرق، أو جواسيس، أو أهل فتنة، أو مؤسسة تستعمله في معصية؛ لأنه تعاون على الإثم والعدوان (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ) (المائدة: ٢).

[الضمان في الوظيفة والإجارة]

وأما ضمان الأجراء فإن كان الأجير خاصا كسواق، أو عامل في بيت، أو طباخ، أو سكرتير، فهؤلاء لا يضمنون إلا بالتفريط، وهذا استثناء من أصل الضمان.

وهنا تأتي قاعدة «لا يجتمع الأجر والضمان»؛ لعدم استقلاله بالتصرف؛ لأن يده تحت يد صاحبه، وهذه علة تدفع الضمان؛ لأن الضمان إنما هو تابع للفعل، فاجتمع هنا فعل المالك، وفعل الموظف أو الأجير (٣)، وأحدهما فيه ضمان، والآخر ليس فيه، ويتعذر التفصيل. فرفع


(١) - قولنا «معتبر شرعا» مثاله: ما ذكرناه بعد الاستثناء في قولنا (إلا في حال تأثيره ... الخ).
(٢) - قولنا «كون العقد حصريا» وذلك كشركة أو جهة تعاقدت مع خبير تريد به جودة عمل أو تحقيق كسب لجمهور كثير وأرباح وتسويق لسلعتها نظرا لشهرة ذلك الخبير، فهذا العقد الحصري لا يصح معه عمله مساء لجهة أخرى لأنه إخلال لمقتضى مقصود العقد فمنع، ووجب عليه الالتزام إيفاءً بالعقد.
(٣) - قولنا «وفعل الموظف والأجير» ومثاله استئجار طباخ، أو فراش، أو سائق، فهؤلاء يشتركون مع صاحب البيت والسيارة في الاستعمال لجريان العادة على ذلك، إذ لا يمكن منع صاحب الملك من سوق سيارته، أو استعمال أدواته، فالاشتراك واقع من الموظفين ومن الملاك في الاستعمال، إذن فلا يستقل الأجير هنا بالضمان؛ لأن الأيادي اشتركت في التصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>