للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقوق المادية للتأليف تبقى محفوظة للمؤلف إن نص، وإلا فهي عامة إن لم ينص على أنها لجهة تبرعا أو معاوضة، إلا إن جرى العرف على حفظ الحقوق المادية، نص أو لم ينص؛ لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا.

والمعاوضة هنا هي أشبه بالمعاوضات غير المحضة، بل هي على سبيل التعويض، والإكرام، والمكافأة، فالمؤلف إذا أعطى الحقوق المادية لجهة، فإنها عادة تشتريها تجارةً مقصود منها الربح، ومنه ما يكون طائلا ويندر الخسارة، ومقابل ذلك يعوض المؤلف بما يتراضى عليه.

وليس فيها غبن فاحش في الأصل؛ لعدم ضبط تقويمها بالتحديد الغالب في السوق، ولا يكون غبن إلا بثمن مثل معتادٍ عرفا، والله يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (النساء: ٢٩).

والتجارة يحددها العرف العادل، فالناشر متاجرٌ والمؤلف ليس كذلك في الأصل، إذْ التجارة بالنسبة للتأليف تبع لا أصل، ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في الأصول.

ولأن المؤلف محسن (هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ) (الرحمن: ٦٠)، وهذا أمر عام بصيغة الإنشاء الاستفهامي الإنكاري المراد به الأمر بالإحسان مقابل الإحسان، ولحديث «من أحسن إليكم فكافئوه» (١).

[الإكرام على الاختراعات والتآليف]

فجميع الاختراعات والتآليف النافعة هي إحسان عام للأمة، فيجب شرعا إكرام المخترع والمؤلف في كل نافع للناس، والوجوب هنا أصلاً على الدولة؛ لأن هذا من المصالح العامة للأمة، والأصل في المصلحة العامة أن تقوم بها الدولة وبوسائلها. والبحث والاختراع والتآليف من هذا الباب.

ويجوز مع التشجيع والإكرام من الدولة للمخترع بيع اختراعه؛ لأن بيع المعلومة والمنفعة


(١) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>