للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخطأ من ظن أن الآية نسختها عدة أربعة أشهر وعشرا؛ لأن هذه الآية هي لغرض متعة المتوفى عنها زوجها وسكناها وهي متعة سنةٍ وسكن سنة، والمتاع هنا شامل للنفقة والمتعة؛ لأنه جعل غايته إلى الحول ولا يكون ذلك إلا بما يشمل النفقة لأنها تتكرر لا مجرد متعة بنحو كسوة، وإنما فرض الله لها ذلك لعظيم مصيبتها.

فيجب على الزوج أن يوصي لها بهذين الأمرين للنص (وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) (البقرة: ٢٤٠) ودليل السكن قوله تعالى في نفس الآية (غَيْرَ إِخْرَاجٍ) (البقرة: ٢٤٠) أي لا إخراج لها من سكن زوجها المتوفى طيلة عام كامل.

وهذا استثناء من «لا وصية لوارث» (١) من باب تخصيص العام.

[والسكن لها نوعان]

سكن للعدة أربعة أشهر وعشرا وهو سكن تعبد لا اختيار لها ولا لأحد فيه؛ لأنه تبع للعدة في قوله تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (البقرة: ٢٣٤).

وهو ثابت في السنة بلا خلاف، وحفظا لحق حمل قد يتبين، وقياسا على المطلقة البائن؛ لأنها أعظم مصيبة منها عند من يقضي لها بالسكنى، أما المتعة فتمتع عند الجميع.

ويشرع للمتوفى عنها زوجها سكنٌ فوق سكن العدة توفية للعام، وهو سكن المتعة وهو بالخيار بالنسبة لها للنص في الآية على تعليق الخروج لها إن أرادت (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة: ٢٤٠).

فإنه سبحانه جعل خروجها مباحاً، وما فعلت بنفسها مباحاً، يعني من زينة ونحوها، لكنه في الآية السابقة قيد أن تفعل بنفسها ما تشاء بالمعروف بعد أربعة أشهر وعشرا، وجاءت السنة مبينة أنها تلزم بيت زوجها مع ترك الزينة في مدة أربعة أشهر وعشرا.

[للمرأة الحكم بين الناس]

وللمرأة أن تحكم في قضايا الخصوم وغيرها لعموم (يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ) (المائدة: ٩٥)،


(١) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>