للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا كله فلو حدث هذا في كل الحالات التي تتزوج في هذا السن (١٥ - ١٦ - ١٧) بهذه النسبة.

فإن حصل دائما فلا بد أن يكون أمرا مشتهرا بين المجتمع، بالغا حد التواتر من فجر التاريخ، حتى يبلغ التواتر على مستوى الأطباء والمجتمع والأسرة، وحينئذ فالمجتمع يمنعه عادة، أي على سبيل العادة، ولكن هذا لم يحصل أبدا بل على العكس من ذاك، وهو أن الأصل عدم الضرر من تزويج الشابة في سن (١٥ - ١٦ - ١٧)، والضرر طارئ أو نادر.

والضرر يقدر بقدره، ويدفع بقدره ولا يتجاوز؛ لأنه إن تجاوز دَفْعُ الضرر إلى غير المتضرر تضرر، ولا يزال الضرر بالضرر خاصة على وجه العموم كما في مسألتنا.

وهكذا يقال في دعوى كثرة الطلاق.

زواج الولد على والده المستطيع والعدل بين الأبناء في ذلك:

وزواج الولد على نفسه في الأصل.

وعلى الوالد المستطيع تزويج ولده الفقير، وهو من حقه في قوله تعالى (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) (الإسراء: ٢٦)؛ لأن النص أطلق الحق فعلمنا رجوعه إلى الحقوق الضرورية والحاجية، وما قام مقامها من التحسينات وقضى بذلك عرف؛ لأن العادة محكمة.

فإن زوج بعض أبنائه، ثم مات وله آخرون قُصَّر أخرج من ماله ما يفي بزواج القصر؛ لأن الله يأمر بالعدل والإحسان، وهذا منه، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم» (١).

ويُخْرج من الثلث من الوصية الواجبة (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (البقرة: ١٨٠).

[الصداقة والشباب]

وإذا اختار الشاب جليسا أو صاحبا لزمه اختيار الصاحب والصديق الذي تؤدي صحبته إلى النفع في أموره.


(١) - أخرجه مسلم برقم ٤٢٦٧ عن النعمان بن بشير قال: تصدق علي أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة بنت رواحة لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «أفعلت هذا بولدك كلهم؟ » قال لا. قال «اتقوا الله واعدلوا في أولادكم». فرجع أبي فرد تلك الصدقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>