ولا بد لإقامة الحياة من إقامة الضروريات والحاجيات والتحسينيات، ولا يستطيع أحد توفير هذه الثلاث إلا بغيره، ومن غيره، ومع غيره، وفي غيره، فالأولى التعاون، والثانية التبادل والأخذ والعطاء، والثالثة الشراكة، والرابعة المجتمع والقبيلة والشعب والدولة والأمة.
والأرض فيها الكفاية للبشرية جميعا لقوله تعالى (وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ)(إبراهيم: ٣٤)، وقوله تعالى (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ)(فصلت: ١٠)، وقوله تعالى (أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا* أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا)(المرسلات: ٢٥ - ٢٦)، والكفت أي الضم، أي ضمتهم أحياء وأمواتا، ويلزم من هذا وجود الكفاية للبشرية فيها؛ لاستحالة عدمها أو نقصها؛ لأدائها -حينئذ- إلى تلف الأنفس وهذا مستحيل، لأنه خلاف مقصود الشرع من الاستخلاف في الأرض.
فدعوى نقص الموارد باطلة تستخدمها قوى الهيمنة للهيمنة.
والكفاية البشرية مشتركة بالتبادل على وجه المعاوضة أو غيرها، فما فاض من الضروريات والحاجيات في موطن كان ضرورة أو حاجة لموطن آخر.
ولهذا فمقاطعة دولة في مواردها الضرورية والحاجية ضرر إنساني، والقرار السياسي بذلك باطل، فإن كان ولا بد فإنما يكون بمقاطعة سياسة الدولة كدولة لا كشعب، فهو ظلم «يا عبادي إن حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا»(١).