الإناث، فقال تعالى (وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ) (النحل: ٦٢).
فجعل الله الكذب من وجهين: من وجه نسبة الإناث لله، فهذا كذب، فهو سبحانه (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (الإخلاص: ٣).
ووجه آخر: تسميتهم الحسنى بالذكور، وغير الحسنى للإناث، وهذا كذب، فالولد كله حسنى في أصل هبته.
وهذا الأسلوب الجاهلي رده الله، وحرمه في نصوص كثيرة في القرآن.
واختار لأفضل أنبيائه ورسله هبتَه الإناث لا الذكور مع عيب أهل الشرك له بالأبتر أي: مقطوع النسل؛ لعدم رزقه بِذَكَرٍ يحمل اسمه ونسبه.
فرَدَّ الله هذا الكذب والسخافة والهراء بسورة مستقلة قائلا (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ* فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ* إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) (الكوثر: ١ - ٣).
فالأبترية والانقطاع كائن فيمن عابك لا فيك.
فحالك وشأنك في رفعة متصلة إلى يوم القيامة، وأما عدوك ولو أنجب الذكور فإنه منقطع.
بل ومن قبل هذا مريم -عليها السلام- التي حملت بالرسول عيسى ابن مريم عليه السلام، المبشِّر بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقد رفع الله شأنها؛ ذاكرا لها في كتابه إلى يوم الدين.
وقد رد الله على أمها لما وضعتها، وأرادت المولود الذكر ليخدم المسجد؛ لأنه أكثر قوة من الأنثى، فقال تعالى (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ) (آل عمران: ٣٦).
ثم قالت (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ) فاعترض الله قولها مكرماً لمريم بقوله (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ).
[وفي الآيات]
١ - جواز النذر بالولد، ولو حملا لجعله لخدمة الدين؛ لأن الله قَبِله ورضيه، ولم يَرِدْ ما