للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول تعالى (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة: ٥٠).

ويقول سبحانه (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) (ص: ٢٦).

وحكم الجاهلية هو كل حكم أو قانون أو تشريع أو دستور، كُلاً أو بعضا، صادم ما أمر الله به، أو ما نهى الله عنه، أو حرم ما أحله الله بالنص، أو أحل ما حرمه الله بالنص.

[تعطل طاعة الحاكم]

وتتعطل طاعة الحكم فيما سوى هذه الثلاثة الأمور، أو اختلال شرط الولاية: وبيان ذلك في مسائل:

[المسألة الأولى]

لا طاعة لحاكم كافر، أو منافق؛ للنص في قوله تعالى (وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ) (الأحزاب: ٤٨).

والطاعة في أصل اللسان العربي تكون عن أمر ملزم، ولا إلزام إلا لولي الأمر في الأقسام الخمسة السابقة.

والوالدان (١) الكافران يصاحبان بما جرى به الإحسان العرفي (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) (لقمان: ١٥)، فسماها الله مصاحبة لا طاعة.

وأما العالم فطاعته لازمة من جهة لزوم سؤاله فيما لا يعلم من الشرع، يقول تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (الأنبياء: ٧)، ويقول سبحانه (فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (يونس: ٩٤)، وإخباره بذلك ملزم دينا لا قضاءً، وإذا تعددت الفتوى في المسألة أطاع واحدا ولا يخرج عن قول كل مفت.


(١) - ذكر هذا دفعا أن يستدرك عليه أن الوالدين الكافرين يطاعان؛ وأن العالم طاعته غير ملزمة؛ لأن الفتوى غير ملزمة فبين أنها ملزمة ديانة لا قضاءً، وأن طاعة الوالدين الكافرين مصاحبة بلا إلزام، إذ لا يسمى عاقا لوالديه إلا إن كان والداه مسلمين أما الكافران فلم أجد من يقول ذلك من العلماء فيما اطلعت .. وهو ما أراه.

<<  <  ج: ص:  >  >>