للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إجراءات الحوادث فمحلها فقه الجريمة.

- النفقات:

وأما النفقات فهي تعويض مالي واجب لمعين على معين بالمعروف مكارمة.

وتعريفنا هذا يشمل النفقة على الزوجة والأولاد والوالدين ومن لزم الشخص نفقته من ذوي القربى أو حيوان.

وقولنا «مكارمة» خرج به المعاوضة على سبيل التعويض كالديات وعلى سبيل الربح كالبيوع.

وواجب النفقة على الوالدين الفقيرين؛ لأنه مقتضى الإحسان وهو مقدم حينئذ على الأولاد والزوجات.

وقيدناه بقولنا «حينئذ» أي حين فقرهما لعدم وجوب ذلك حال الغنى.

وإنما يجب تقديمهما؛ لأن تقديم الأولاد والزوجة عليهما مع فقرهما يعود على أصل فرض الإحسان لهما بالإخلال الفاحش؛ ولحديث الثلاثة الذين أطبقت عليهم الصخرة، وكان أحدهم بارا بوالديه، وجاءهما بغبوقهما، فجاء بالعشي وقد ناما، وكان لا يغبق قبلهما أهلا ولا مالا، وصبيته الصغار يتضاغون جوعا، فما قدمهم إلى الفجر واستيقاظ والديه؛ فأغبقهما، ثم أغبق الصغار فأجاب الله له (١).


(١) - أخرجه البخاري برقم ٢٢٧٢ أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فقال رجل منهم اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلا، ولا مالا فنأى بي في طلب شيء يوما فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج قال النبي صلى الله عليه وسلم وقال الآخر اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إلي فأردتها عن نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومئة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت لا أحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها قال النبي صلى الله عليه وسلم وقال الثالث اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال يا عبدالله أد إلي أجري فقلت له كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال يا عبدالله لا تستهزئ بي فقلت إني لا أستهزئ بك فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون.

<<  <  ج: ص:  >  >>