للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو دليل على إقرار الله له على أنه عمل صالح؛ إذ لو كان الصغار من أولاده مقدمين في النفقة على الوالدين مع شدة الحاجة والجوع ونوم الوالدين وإمكان تعويضهما؛ لما كان عملا صالحا؛ بل ظلما لأهل الحق الواجب تقديمهم وهم الأولاد والزوجات.

وخلاف فقهاءَ في ذلك دليلٌ على إغفالهم هذا الدليل والنظر في مقاصده.

ولقوله تعالى (قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (البقرة: ٢١٥).

ولتقديمهما بالذكر في كل آية ذكرت فيها الحقوق لأهلها (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) (الإسراء: ٢٣).

ولثبوت تقديمهما في الحق والنفقة في السنة الصحيحة (١).


(١) - أصل الحديث في صحيح مسلم برقم ٦٦٦٥ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل يا رسول الله من أحق بحسن الصحبة قال «أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك». وفي مسند أحمد ٧١٠٥ عن أبي رمثة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يد المعطي العليا أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك وقال رجل يا رسول الله هؤلاء بنو يربوع قتله فلان قال ألا لا تجني نفس على أخرى وقال أبي قال أبو النضر في حديثه دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ويقول يد المعطي العليا. قلت: وسنده حسن صحيح. قلت: وله شاهد بسند صحيح عند أحمد برقم ١٦٦٦٤ عن رجل من بني يربوع قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته وهو يكلم الناس يقول: يد المعطى العليا أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك فأدناك قال فقال رجل يا رسول الله هؤلاء بنو ثعلبة بن يربوع الذين أصابوا فلانا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا لا تجنى نفس على أخرى. قلت: وله شاهد صحيح عن الضياء في المختارة برقم من حديث طارق المحاربي فذكره. ولفظه (فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب الناس ويقول يد المعطي العليا وابدأ بمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك) .. قلت: وله شاهد آخر صحيح عند الضياء برقم ١٣٨٩ عن أسامة بن شريك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو يقول: أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك قال فجاء قوم فقالوا يا رسول الله قتلنا بنو يربوع فقال لا تجني نفس على أخرى قال ثم سأله رجل نسي أن يرمي الجمار قال إرم ولا حرج ثم أتاه آخر فقال يا رسول الله نسيت الطواف فقال طف ولا حرج ثم أتاه آخر حلق قبل أن يذبح قال إذبح ولا حرج قال فما سألوه يومئذ عن شيء إلا قال لا حرج ثم قال أذهب الله عزوجل الحرج إلا رجل اقترض مسلما فذلك الذي حرج وهلك وقال ما أنزل الله عزوجل داء إلا أنزل له دواء إلا الهرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>