للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب أن يكون المانع واضحا إما بالقطع أو قريب منه، بحيث ينقله عن الإباحة إلى التحريم، وإلا فلا يحق بالاحتمالات والتخريجات المشككة تحريم ما جعله الله مباحا على الأصل للعباد (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: ٢٩)، و (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) (البقرة: ٢٩).

وهذا الخلق يقتضي سائر التصرفات، ومنها العقود، فما أكثر ما في الأرض جميعا وما أكثر عقودها؛ فإن كان لا يحل إلا إذا شابه عقدا قديما بطل الامتنان وضاق على الخلق معاشهم.

[عقود خدمة الهاتف]

وعقود خدمات الهواتف الثابتة والمتحركة والسلكية واللاسلكية عقود مباحة قائمة على بيع المنفعة، وهي وحدات الاتصال المقدرة بالزمن والمسعرة بحسب ذلك.

وهو عقد خدمي مباح جارٍ في التعامل التجاري من حاجيات العصر الحديث، فهو على أصل (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: ٢٩)، (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) (البقرة: ٢٧٥).

ولو خَرَّجناه على أنه عقد بيع للشريحة المشفرة -التي تبيعها الشركة ومزودو الخدمة- مجموعٌ مع عقد إيجار للمنفعة التي تُشْتَرى على الدوام بتعبئة كروت الشحن، أو أي وسيلة.

فيجتمع عقدان، وقد نهي عن بيعتين في بيعة بالنص لخرجنا حينئذ عن التيسير، وعن أصل الإباحة في عقود التجارات باجتهاد محتمل لا يُسَلَّم عند آخر، ويضيق به على الخلق، وما عسر على الخلق فهو غير موافق لأصل التشريع في التيسير، فبطل.

بل نقول هو عقد بيع خدمة يتم به نقل ملكية الرقم والشريحة وتزويد المالك بخدمة الاتصال.

وأما شراء وحدات الاتصال كلما نفدت فهو بيع جديد لا علاقة له بأصل العقد السابق، وهو كشراء مستأجر الأرض الزراعية الحبوب لزراعتها.

ولو أن الشركات تبيع الهواتف ضمن العقد ولا يمكن إجراء الخدمة إلا بذلك لجاز على الأصل.

ولكن لما جرى التعامل على فصل عقد شراء الشريحة، والإمداد بالخدمة، وعقد شراء

<<  <  ج: ص:  >  >>