للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ) (آل عمران: ٨٥)، وهذا في الدنيا، أما في الآخرة فحكمه مذكور في آخر الآية (وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

ولأن الله فرض القتال عند حصول الفتنة عن الإسلام، أي الردة (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه) (الأنفال: ٣٩)؛ لأنها أعظم من القتل كما في آية أخرى، فإذا أوجبنا السيف في القصاص في القتل العمد العدوان دفعا للفتنة، ففي الفتنة عن الإسلام أولى؛ لأنها أشد من القتل بالنص، والآية مطلقة شملت فتنة الفرد أو أكثر: حاكما، أو مواطنا، رجلا، أو امرأة.

- سياسات الظلم العام:

ومن الظلم الاعتداء على النفس بتخويف، أو جرح، أو قتل، أو إيلام ولو بجوع، وتعمد إفقار، أو إيلام بما يحب الشخص، أو حَطْم بعض ببعض بإثارة فتنة بينهم، أو تغذية سياسة الحطمة المذمومة شرعا «شر الرعاء الحطمة» (١).

أو الاعتداء على الأموال بنهب، أو اختلاس، أو غصب، أو سرقة، أو فيد، أو تولية مفسد، أو طبع العملة الرسمية خارج الإذن الشرعي وخارج ما انبثق عنه من القوانين بما يؤدي إلى مفاسد جمة كالفقر والبطالة والغلاء والفساد، أو تعسير الأرزاق بحصار التجارات البسيطة لأصحاب الدخل المحدود وتسليط أفواج المجرمين عليهم لظلمهم وحبسهم وابتزازهم.

وفرض غرامات بلا حق، وضرائب غير عادلة ولا مستحقة عليهم، وعدم البت وحماية البت في قضايا العقارات والأراضي والأموال.

وكذا يحرم الظلم المتعلق بالأعراض من الإشاعات الظالمة الكاذبة في وسائل الإعلام، مقروءة ومسموعة ومرئية لخدمة الأغراض السياسية أو الحزبية أو الشخصية أو المالية، وإلصاق التهم باطلة سياسية أو اقتصادية أو أخلاقية، فهذا كله محرم (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) (الأحزاب: ٥٨)، والنصوص في ذلك كثيرة.


(١) - «شر الرعاء الحطمة» حديث أخرجه مسلم برقم ٤٨٣٨ من حديث عائذ بن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>