للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيطلب شرعا استغلال الوسائل الحديثة لخدمة العلم في كافة مجالاته التي تجلب المصالح وتدفع المفاسد.

[الدراسة عن بعد وسماع العلم عبر التكنولوجيا]

والدراسة عن بعد بوسائل التكنولوجيا المعتمدة من جهات معتمدة جائزة معتبرة إذا آتت ثمارها المصلحية، وهي من التيسير في العلم، والتيسير مطلوب، وهو من قواعد الشريعة.

وسماع العلم في علم الشريعة عبر شبكات النت، والقنوات الفضائية، والكاسيت، وشبكات الأثير، والتسجيلات الصوتية، من الأمور الجائزة؛ لأنها وسيلة لأعظم الأمور المشروعة، ويعتمد نقل الفتوى من عالم عبر مصدر معتمد له.

وقولنا «معتمد» احترازاً عن مصدر يتطرق إليه إمكان التحريف.

والمونتاج الإعلامي المحرف محرم نقله؛ لأنه كذب.

ويجوز طلب العلم على العلماء بهذه الوسائل، فيكون للعالم تلاميذ عبر العالم بواسطة هذه التكنولوجيا، بشرط كون سماع دروسه من مصدر معتمد لا يحتمل دبلجته وفبركته والكذب فيه على العالم.

فإن احْتُمِلَ أنه عُبِثَ فيه بقص وإضافة لصناعة فتوى يفهمها السامع على غير ما قاله العالم؛ فلا يجوز اعتماد ذلك المصدر.

أما إن كان العالم في القناة أو المصدر الإعلامي يلقي في بث مباشر بلا إمكان تغيير، أو دبلجة؛ فيجوز الأخذ عنه من هذه المصادر ونسبتها إليه.

ويجوز حينئذ أن يقول التلميذ: حدثنا شيخنا، وقد كان النسائي يقول: حدثنا الحارث بن مسكين من وراء حجاب وأنا أسمع؛ لأنه كان قد منعه من حضور مجلسه مباشرة فاضطر للسماع بهذه الصفة (١).


(١) - قال الحافظ في فتح الباري (٥/ ٢٦٩): وفيه إشارة إلى التفرقة في صيغ الأداء بين الأفراد والجمع أو بين القصد إلى التحديث وعدمه فيقول الراوي فيما سمعه وحده من لفظ الشيخ أو قصد الشيخ تحديثه بذلك حدثني بالإفراد وفيما عدا ذلك حدثنا بالجمع أو سمعت فلانا يقول ووقع عند الدارقطني من هذا الوجه حدثني عقبة بن الحارث ثم قال لم يحدثني ولكني سمعته يحدث وهذا يعين أحد الاحتمالين وقد اعتمد ذلك النسائي فيما يرويه عن الحارث بن مسكين فيقول الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع ولا يقول حدثني ولا أخبرني لأنه لم يقصده بالتحديث وإنما كان يسمعه من غير أن يشعر به.

<<  <  ج: ص:  >  >>