للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن مقصود الوظيفة تولية كفؤ أمانة العمل، وهذه مصلحة عامة، ومن جهة أخرى منفعة الموظف براتب مجزئ يسد حاجته ومن يعول، وهذه مصلحة خاصة معتبرة، والجمع بين المصالح عند القدرة على ذلك مطلوب شرعي؛ لأنه إحسان فوق إحسان.

فيشمله النص في قوله تعالى (وَأَحْسِنُوَا)، وقوله سبحانه (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (النحل: ٩٠)، شمولا أوليا مقدما على ما يحقق مصلحة من جهة واحدة.

[المكافآت والتحفيزات]

ويشرع الثناء على من أحسن من الموظفين وتشجيعه لما لذلك من المصلحة؛ ولأنه محسن، ومقابلة الإحسان بالإحسان أمر مشروع وهذا منه (هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ) (الرحمن: ٦٠).

وفي النص «صوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف» (١)؛

وهو يدل على الثناء الحسن على الأمر الحسن.

ويعطى المحسن في عمله ما يناسب من المكافآت والترقيات والتحفيزات مادية ومعنوية، وهو أمر مصلحي يخدم العمل وتقره الشريعة وتطلبه؛ لأنها جارية على مكافأة المحسن على إحسانه.

[الزي الوظيفي]

وإلزام الموظفين بزي معين أمر مباح يلزم بالعقد والشرط فيه لعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: ١)، ولأنه مباح لا يتعلق بالإلزام به في العقود مفسدة أو معارضة شرعية فجاز؛


(١) - حديث «صوت أبي طلحة .. » حديث حسن لغيره، أخرجه الحارث في مسنده كما في «المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية» (١٦/ ٣٥٩) برقم ٤٠٢٥ قال الحارث: حدثنا قبيصة، ثنا سفيان، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أو أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «صوت أبي طلحة رضي الله عنه في الجيش خير من ألف رجل».

قلت: هذا سند رجاله ثقات إلا عبدالله بن محمد بن عقيل. قال في التقريب جامعا بين كلام أئمة الحديث فيه صدوق في حديثه لين. قلت: وللحديث شاهد عند أحمد من حديث أنس برقم ١٣٧٧١ وفيه علي بن زيد بن جدعان ضعفوه وهو صالح في المتابعات والشواهد كما قال الحافظ في التقريب «لا يحسن حديثه إلا بالمتابعة والشواهد». قلت: فعلى هذا فحديثه حسن، نظرا للشاهد السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>