للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا مانع من اشتراط الجهة شروطا تدخل في الكفاءة من مؤهلات وخبرات وشهادات وتزكيات لأمانته.

ولا يوجد في الترتيب الشرعي للوظيفة العامة ما يمنع الولاية عن فئة أو منطقة أو جهة، فالحاكم إن مارس ذلك فقد خالف الشرع، وخالف عقد الشعب، وحمل دعوة من الجاهلية.

وعلى مؤسسات الدولة -ولا بد- منعه من ذلك، فإن عجزت فالشعب يأطره على الحق ويأمره وينهاه.

ويُقَاضَى حاكم مارسَ المناطقية في الوظيفة وغيرها؛ لأن ذلك ليس من المصلحة العامة للشعب، بل هو تفريق وتشييع له؛ فتقوى طائفة وتستضعف طوائف، وهي نوع من السياسة التي ذمها الله على فرعون (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: ٤).

ويحق عزله دفعا لمفاسده، ويجب إن غلبت المفاسد والفساد في الأرض، وأعلاه ما يؤدي إلى تفتيت الشعب وتمزيقه وتقوية بعضه واستضعاف بعض بمناطقية أو فئوية أو غيرهما.

والله يأمر بالعدل والإحسان.

وتوزيع الدرجات الوظيفية على غير معيار الكفاءة والاستحقاق بمناطقية ونحوها خروج عن العدل والإحسان إلى الجور والإساءة.

[١٤ - إذكاء الصراع الديني]

وهو ما يطلق عليه بـ «اللعب بالورقة الدينية» كمصطلح شائع يدل على انتهاج السلطة سياسة إذكاء الصراع الديني.

والله سبحانه يقول (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه) (الأنفال: ٣٩) ويقول (حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ) (البقرة: ١٩٣).

ويستدل بالآيتين على وجوب ألا يخرج التعامل الديني عن قاعدة إخلاصه لله وحده، فإذا صحح هذا الأصل، وعمل به حال التعاطي الديني مع الأمور والقضايا، زال التعصب وزال تحييز الدين وتأويل نصوصه وأدلته لصالح طرف على آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>