للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الولايات العامة وجوبا شرعيا؛ لأنها وسيلة إلى حفظ سيادة الدولة ومصالحها فوجبت؛ ولأن الدول غير المسلمة تتعامل بهذا الشرط إما بالنص أو بالواقع، وتزيد الجنسية، حفظا لسيادتها، وموالاة شعبها والله يقول (وَالَّذينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) (الأنفال: ٧٣).

أي: إلا تفعلوا تلك الموالاة بينكم أيها المؤمنون يكن فساد في الأرض عظيم، وفتنة.

والشرط في الولاية العامة أن يكون مسلما، ومواطن الجنسية من أوضح صور هذه الموالاة السيادية فيما بيننا؛ فوجبت علينا بهذا التكليف في الآية، فاتخاذ هذه الدول من المشركين والكفار، وثنيين، ولا دينيين، وأهل كتاب شرطَ الجنسية والديانة لهذه الولايات العامة عندهم؛ لأن بعضهم أولياء بعض، وحمايةً للسيادة والمصلحة العليا، فوجب أن تكون دول الإسلام كذلك في هذه الشروط بدلالة (وَالَّذينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) (الأنفال: ٧٣).

ولقوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة: ٧١)، فهذان نصان في الموالاة، ومن مقتضياتها ما ذكرنا، وقال (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (التوبة: ٦٧).

فتولية المنافق ولاية عامة هو تمكين لآمر بمنكر ومفسد؛ فوجب اشتراط العدالة فوق مجرد اشتراط الإسلام.

[الشروط للأعمال والوظائف]

يشترط في إجارة العاملين والعمال في أي مهنة: البلوغ راشدا والعقل والكفاءة، وهي القوة والأمانة.

فشرط البلوغ راشدا؛ لأن الإجارة عقد ولا يصح مع صبي؛ لأنه لا نظر له في الأموال، فينظر له وليه حتى يرشد، والرشد مقارن للبلوغ، أو بعده (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن

<<  <  ج: ص:  >  >>