للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الضبط هو ما يجب في زمننا لكثرة فساد النفوس والذمم وحب السلطة، وما نتج عنه من مفاسد أثرت في السير الصحيح للبلاد، وعرقلت كثيرا من المصالح الكبرى، لذا أفتيت في زمننا: بوجوب التدوير العادل الكفء لما ينبني عليه من دفع مفاسد غالبة مؤثرة في الفتوى الشرعية بذلك.

[الإلزام بإقامة الصلوات والشعائر في المعسكرات والمواقع]

وفرض على القيادة الإلزام بالصلوات في أوقاتها، والعقوبة المناسبة للمتهاون، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم أفراد الجيش المسائل الهامة في الشريعة من عقيدة صحيحة نابعة من الكتاب والسنة، وإلزامهم بفرائض الدين الكبرى عملا وتعلما؛ لأن الله أمر به بالنص (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ) (الحج: ٤١).

ويلزم شرعا بناء المساجد في المعسكرات لإقامة الصلوات في جماعة، ورفع الأذان لورود النص في استحواذ الشيطان على من لا تقام ولا يؤذن فيهم للصلاة (١).

ولقوله تعالى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ* رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ) (النور: ٣٦ - ٣٧)، وهذا الإذن أمر وتكليف (٢)، لا إذن يدل على مجرد الإباحة المستوية الطرفين فعلا وتركا.

وقوله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة: ١١٤)، وهذا نص في تحريم منع المساجد.


(١) - أخرجه أبو داود برقم ٥٤٧ عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية». قال زائدة قال السائب يعنى بالجماعة الصلاة في الجماعة. قال أبو زكريا: هذا سند حسن.
(٢) - كقوله تعالى (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ* الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) (الحج: ٣٩ - ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>