للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأعطى الله كل من سأله الحياة الحسنة بشرط الكسب مع القول (أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (البقرة: ٢٠٢).

واقتران الحياة الحسنة بالقول والكسب فوري؛ لذلك ختمت الآية بدلالة الإشارة على سرعة حصول ذلك من الله (وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ).

بخلاف مجرد الأقوال والإرادات بلا كسب وعمل بالأسباب، فلا يعم (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) (الإسراء: ١٨).

فقيد الإجابة بقوله (لِمَن نُّرِيدُ)؛ لأنه ارتبط بالإرادة لا بالأقوال والأفعال والكسب.

وأما اقتران الحياة الحسنة بالكسب فلأن الإيتاء بمشيئة الله لكل من فعل الكسب وبذل السبب كقانون لا يتخلف وسنة ماضية (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ) (هود: ١٥).

فذكر الإرادة وقرن الإيفاء لها بحسب الكسب والعمل؛ فأعمالهم في ذلك تظهر نتائجها بلا بخس، فدل على ارتباط إيتاء زينة الحياة الدنيا، إنما هو بالعمل لأجل ذلك، وبقدر العمل لا بمجرد الإرادة والأقوال (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا).

ومن جمع بين طلب الدنيا والآخرة والعمل لهما آتاه الله ذلك (وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (البقرة: ٢٠١ - ٢٠٢).

[نظام توزيع الثروة ونسقاته في الإسلام]

النسق الأول: الفيء وهو: كل دخل للدولة بلا قتال ولا فرض، ولا معاوضة من المواطن، فشمل سائر الخيرات التي أفاء الله بها على الدولة من الثروات.

فقولنا «بلا قتال» لاقتضاء النص ذلك (وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الحشر: ٦).

وقولنا «ولا فرض» خرج بها الزكاة المفروضة التي تأخذها الدولة من المسلمين ورسوم المواطنة «الجزية» من غير المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>