للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة العاشرة]

والحاكم إذا ظلم فردا، وتمنع من الإنصاف من نفسه ابتداء بمبادرة، أو إجابة قضاء بمثول للمحاكمة، فإن طاعته لا تجب على ذلك الفرد حتى يرفع مظلمته، وقد سن هذا القانون عمر رضي الله عنه في خلافته كما جاء بسند صحيح في السنة للخلَّال «من كانت له عند أمير مظلمة فلم ينصفه فلا طاعة له عليه دوني» (١).

وأصل العمل به قوله تعالى (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) (النساء: ٥٩)، فَنَزَع الطاعة وقت التنازع مع الحاكم وألزم الطرفين بالتحكيم.

فَفِعْل عمر مشروع، بل سنة، وهو نوع لتقنين مأخوذ من النص بصورة صاغه كمرسوم عام، أو أصل دستوري، أو مادة قانونية.

[المسألة الحادية عشرة]

إذا صدر من الحاكم المصلح في الأرض أمر بما هو معصية في الشرع حرم طاعته فيها، وكذا في جزئية صادمت المصلحة العامة بقول القضاء أو الجهات المخولة كالبرلمان، وتبقى طاعته في غير هذه الجزئيات على الأصل.

وشرط بقاء الطاعة فيما سوى ذلك ألا تكون المخالفات التي أمر بها تعود على الأصول الشرعية والدستورية بالإبطال.

فالأول: كإصدار أمر بالتصريح لعمل العاهرات في الزنا، أو الشذوذ الجنسي، أو منع الصلاة في الكليات العسكرية، أو الدوائر الحكومية، أو إبطال فرض الزكاة، أو الترخيص للفطر في رمضان للناس بمبرر الحريات، أو الاقتصاد، أو السياحة، أو منع تعليم القرآن والسنة، لا رسميا ولا أهليا، ونحو هذه الأصول.


(١) - أثر «من كانت له عند أمير مظلمة ... » أخرجه الخلال في كتاب السنة برقم ٦٤ أخبرنا محمد، قال: أنبأ وكيع، عن شعبة، عن مخارق الأحمسي، عن طارق بن شهاب، قال: كتب عمر بن الخطاب رحمه الله إلى أهل الكوفة: من ظلمه أميره فلا إمرة له عليه دوني. قال: فكان الرجل يأتي المغيرة بن شعبة فيقول: إما أن تنصفني من نفسك، وإلا فلا إمرة لك عليّ. قلت: هذا سند صحيح. وأخرجه الطبري بسند صحيح أيضا في تاريخه برقم ١٣١١، ط/ دار عز الدين -بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>