للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندهم، لا يجوز فعلها، ولا أخذها، ولا إجابة الدعوة؛ لأنها في معنى المكس أو الرشوة.

وقد جاء رجل فقال «هذا لكم وهذا أهدي لي» فذمه الشرع ومنعه (١).

ويجب على الإجراء من كبار المسئولين أو صغار الموظفين معاملة ما بأيديهم من العمل كمعاملة ما هو لأنفسهم لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (٢).

[تدوير المناصب وتوريثها]

ويجب الآن على الدولة في الوظيفة العامة تدوير المناصب؛ لأن هذا هو مقتضى العدل والمساواة، وبه تدفع مفاسد كثيرة، وتوضع لذلك شروط وتأهيلات من كانت فيه دخل في قانون تدوير المناصب.

ولا يجوز التوريث للوظائف العامة؛ لأن المناصب أمانات؛ ولا تؤدى إلا إلى أهلها (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) (النساء: ٥٨). وقال تعالى (وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ) (النساء: ٥).

حتى الميراث الشرعي شرط تسليمه للورثة بلوغهم راشدين (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) (النساء: ٦).

فإن كان في أحدهم سفه؛ فلا يسلم له ميراثه، بل يعين القاضي عدلا يدير له ماله حتى يرشد.

فهذا في الملك الخاص، فكيف في العام، فالأمور العامة لا طريق فيها للتوريث أصلا، ولا يدل لها أصل ولا فرع في الشريعة، فالوظائف العامة والإدارات ومجالس الشورى والنواب


(١) - قولنا «وقد جاء رجل .. » هو في حديث في الصحيحين (البخاري برقم ٢٥٩٧، ومسلم برقم ٤٨٤٣) عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي. قال: فهلا جلس في بيت أبيه، أو بيت أمه فينظر يهدى له أم لا والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منه شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع بيده حتى رأينا عفرة إبطيه اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت ثلاثا. واللفظ للبخاري.
(٢) - حديث «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» متفق عليه (البخاري برقم ١٣، ومسلم برقم ١٧٩) كلاهما من حديث أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>