للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- مضاربة البنك بالودائع غير الاستثمارية والاستثمارية والتصرف فيها

وإذا دفع البنك إلى عميل تمويلا بحسب طلبه؛ فإن أعطاه على جهة القرض الحسن تمويلا لمشروع صغير جاز.

ويرد له القرض في أجله، ولا بد من أخذ ضمان عليه حفاظا على أموال المودعين.

ويؤخذ القرض الحسن من الودائع غير الاستثمارية؛ لأن التصرف في الودائع الاستثمارية لا يكون إلا بالاستثمار؛ لأن هذا هو مقصود العقد مع البنك، فوجب الوفاء (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: ١)، ولا يلزم إعلام صاحب الوديعة؛ لأنه قد علم بالعرف الرسمي في البنوك.

وتصرف المودَع في الوديعة بالضمان؛ لأن حفظ الأمانات واجب، ويلزم إن سحبها صاحبها أداؤها (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) (النساء: ٥٨)، وهذا عام؛ فلزم ردها عند الطلب، والبنك ضامن لها.

وهذه الودائع يجوز للبنك استثمارها، ولا يدفع لصاحبها من الربح شيئا؛ لأنه أذن له إذنا عرفيا رسميا بحسب التعامل البنكي العام حال الإيداع أن يصنع بها ما يشاء، ويضمن له ردها كما هي إذا طلبها.

والعلم بالتصرف منهم مع الإقرار والرضا بالتعامل معه كالنص على الإذن.

ولأن حفظ المال إحسان، ولا مقابل له إلا إحسان التعامل، ومنه الإذن في تحريكها واستثمارها (هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ) (الرحمن: ٦٠).

فإن صرح بعدم الإذن للبنك بالمضاربة في الوديعة فلا بد أن يستأجر لها خزينة بنكية مستقلة، أو يترك الإيداع العام البتة؛ لأن وديعته تختلط بسائر الأموال عند وضعها، ويتعذر عدم ذلك، ويؤدي الشرط إلى الخلل في أعمال البنوك فيضر بهم، والمودع لا يضر بمن أودع عنده بأن يشرط شرطا ضارا أو غيره مما يضر؛ لأنه إحسان (هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ) (الرحمن: ٦٠).

وإن دفع البنك تمويلا للعميل في عملية تجارية فيكون البنك ممولا والعميل قائما بالعمل، وهذه هي المضاربة؛ فتجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>