للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقوم مقام ولي الأمر الأول حال عدمه في ظروف معينة مؤسسات كبرى في الدولة يتفق عليها دستوريا؛ لأن هذا من أعظم المصالح، والنص عليه دستوريا يدفع أعظم المفاسد، فطُلِب.

- طرق الوصول إلى الحكم والولاية العامة الأولى:

ووصوله ولي أمر أعلى يكون بأحد الطرق التالية:

أولا: بالترشيح التوافقي لواحد بلا تنافس، ثم البيعة (١).

وهذا النوع حصل في تنصيب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث رشحه أكثر المهاجرين والأنصار في السقيفة قبل البيعة، ثم بايعته الكافة في اليوم التالي، ثم بايعه علي رضي الله عنه وكان مشغولا بمرض فاطمة رضي الله عنها.

ثانيا: بترشيح الحاكم السابق لشخص وموافقة الناس بالرضى، ثم البيعة، كما حصل لعمر رضي الله عنه حيث رشحه أبو بكر رضي الله عنه وتوافق الناس على ذلك، ثم بايعوه بلا خلاف.

ثالثا: بترشيح عدة أشخاص بالتنافس، وعرضهم على الشعب، كما حصل للستة الذين رشحهم عمر، وأمرهم إن اختلفوا أن يرجحوا قول أكثرهم (٢).

فانتهى الأمر إلى التنافس بين علي وعثمان رضي الله عنهما.

فشرط الشعب على من سيبايعه أن يسير فيهم بسياسة مجربة راشدة هي: سنة الشيخين، فقبل الشرط عثمان ورفض علي وقال أجتهد رأيي، فبايع الناسُ عثمان؛ لأن البيعة عقد


(١) - كل ذكر للبيعة هنا تقوم الانتخابات مقامها أو أي طريق متوافق عليه بين الأمة، ولا نقصد آلية بعينها.
(٢) - تقدم تخريج الحديث في ذلك، ورواية ترجيح الأكثر رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (٣/ ٦١) وهي قوية يشد بعضها بعضا، قال عمر بن الخطاب لأصحاب الشورى: تشاوروا في أمركم، فإن كان اثنان واثنان فارجعوا في الشورى، وإن كان أربعة واثنان فخذوا صنف الأكثر. وفي رواية قال: وإن اجتمع رأي ثلاثة وثلاثة فاتبعوا صنف عبدالرحمن بن عوف واسمعوا وأطيعوا. وفي رواية أن عمر حين طعن قال: ليصل لكم صهيب ثلاثا، وتشاوروا في أمركم، والأمر إلى هؤلاء الستة فمن بعل أمركم فاضربوا عنقه، يعني من خالفكم. وفي رواية عن أنس بن مالك قال: أرسل عمر بن الخطاب إلى أبي طلحة قبل أن يموت بساعة، فقال: يا أبا طلحة، كن في خمسين من قومك من الأنصار مع هؤلاء النفر أصحاب الشورى، فلا تتركهم يمضي اليوم الثالث حتى يؤمروا أحدهم، اللهم أنت خليفتي عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>