للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن المؤذن مكلف شرعا بمراقبة الوقت الشرعي للصلوات والصيام، واتخاذ تسجيل صوتي موحد للمساجد يبطل ذلك؛ لأن اختلاف الأماكن موجود وتختلف المواقيت لذلك لا محالة، ولو في الدولة الواحدة، فهو مؤد إلى تخريب في مواقيت شعائر الإسلام الكبرى صلاة وصياما.

وبالجملة فمن عمل بذلك فهو ساع في خراب المساجد، وصاد عن سبيل الله غير معظم للشعائر متبع غير سبيل المؤمنين مشاق لله ورسوله (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا) (النساء: ١١٥).

ولا أوضح في مشاقاة الرسول واتباع غير سبيل المؤمنين من هذا الأمر؛ فطريقة رسول الله، وسبيل المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها هو اتخاذ مؤذنين في المساجد إلى عصرنا هذا.

فمن أراد استبدال المؤذنين بتسجيل صوتي عام فهو متبع غير سبيل المؤمنين.

[المجتمع وصلاة الجماعة]

ويشهد أهلُ الحي في مسجدهم الصلاة جماعة، ولا مانع من اصطحاب الأطفال إلى المساجد لغرس ذلك في قلوبهم، وقد كان الأطفال يأتون إلى المساجد في زمنه صلى الله عليه وسلم، ونزل للحسن والحسين ليأخذهما وهو يخطب على المنبر (١).

وكان إذا سمع بكاء الصبي خفف الصلاة لأجل أمه (٢).

فدل على اصطحاب الأطفال إلى المساجد.

[حكم إقفال السماعات أثناء الصلوات]

وإقفال السماعات أثناء الصلوات، إن كان احترازا من تداخل أصوات سماعات المساجد لتقاربها، فيمكن جوازه بمحدودية لواقعة بعينها.


(١) - قولنا «ونزل للحسن والحسين» أخرج ذلك أبو داود برقم ١١١١، بسند حسن صحيح عن عبدالله بن بريدة عن أبيه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان فنزل فأخذهما فصعد بهما المنبر ثم قال «صدق الله (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) رأيت هذين فلم أصبر». ثم أخذ في الخطبة.
(٢) - قولنا «لأجل أمه .. » فيه أحاديث منها ما أخرجه البخاري برقم ٧٠٧ من حديث أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>