للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣ - النوع الثالث للجهاد: القتال.]

والقتال في سبيل الله أسباب وجوبه متعددة، وله شروط وأركان وواجبات، فإذا توفرت الأسباب والشروط اجتمع أولو الأمر وجوبا للمشاورة؛ لعموم النص (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) (النساء: ٨٣).

وسيأتي تفصيل ذلك بعد قليل، والأسباب:

١ - وجود قوة عسكرية في داخل دولة الإسلام بدليل (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (التوبة: ٥)، فلم يجعل خيارا في التعامل معهم إلا السيف أو الأخوة الإسلامية، وحملناها على ذلك لامتناع حمله على ما كان خارج الدولة؛ لاحتمال كونه مسالما فيشمله النص (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) (الممتحنة: ٨).

ففرض إنهاء كل تواجد مسلح كافر داخل دولة مسلمة، خاصة جزيرة العرب، ولا يحدث لهم ذلك بعد هذا لا بمعاهدة ولا حلف، وللنص الصحيح «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» (١)، وفي نص آخر «اليهود والنصارى والمشركين» (٢).

ومن كان ذا عهد فيوفى عهدهم إلى مدتهم إن وفوا؛ للنص (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (التوبة: ٤).

والدليل على أنه يقصد بها داخل الدولة أنها داخلة دخولا أوليا قطعيا وأنها نزلت في مشركي العرب بعد الفتح؛ فأمرت بإنهاء كل تواجد لهم داخل الدولة في جزيرة العرب، وعدم إحداث أي معاهدات معهم والإيفاء لمن له عهد قبل هذه ووفى به.


(١) - تقدم تخريجه.
(٢) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>