للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجب عليه ديانةً التكفير عن يمينه؛ للأمر بها «من رأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه» (١).

فإن مضى أربعة أشهر ففرضٌ عليه إما الطلاق، أو الرجعة، فإن رجع غفر الله له ما مضى للنص، وإن طلق جاز (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: ٢٢٦ - ٢٢٧).

فإن أبى الطلاق والرجعة أجبر على أحدهما قهرا؛ لأن دفع الضرر واجب.

فإن أرادت المرأة الصبر عليه ابتداء، فلم تخبر بشأنها وضررها مُحَكَّماً، أو قاضياً، أُجِرَت عند ربها، ويأخذ الله حقها منه؛ لأن عقابه بالظالمين سريع، إلا إن أسقطت، أو عفت عنه، ولها ذلك، ولو بعد الرفع إلى القضاء.

ولا يسقط عفوها حقَّها مستقبلا؛ لأنها محسنة و (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ) (التوبة: ٩١).

ولأن حقوقها هذه من نفقة، وسكن، وعشرة بالمعروف تتجدد بالزمن.

[صيانة عرض المرأة]

حفظ العرض أحد المقاصد الكبرى للشريعة، فيحرم الاعتداء ولو بالتهمة بالفاحشة على أحد في عرضه تلويحا أو تصريحا.

أما التلويح فهو كل قولٍ يُفْهَم من مقصوده القذف في العرض؛ لقرائن حالية أو مقالية؛ فإن لم يُفْهِم فليس بشيء، وقد يلزم التعزير، وقد قال بنو إسرائيل عن مريم إذ أتت بعيسى تحمله إثر الولادة (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) (مريم: ٢٨).

فهذا تلويح بالقذف له حكم التصريح بالنص (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) (النساء: ١٥٦).

فحكم الله أن قولهم السابق تصريح بالقذف بالبهتان العظيم، فهذا تلويح له حكم صريح القذف.


(١) - قولنا «ووجب عليه ديانة التكفير .. » الحديث الذي ذكرناه أخرجه مسلم برقم ٤٣٦١ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل».

<<  <  ج: ص:  >  >>