للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، فما تراضى عليه الناس في هذا الأمر اُعْتُبِر.

وفَرْضٌ عليه أن يقوم بين الناس بالعدل لقوله تعالى (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (النساء: ٥٨)، وأن ينصر المظلوم وينتصر للضعيف لقوله صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» (١)، وحديث «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعذاب» (٢).

[البت في القضايا وعدم تعليقها]

ويجب عليه إذا حكم أن يفصل في القضايا بين الخصوم، ولا يعلق ذلك، أو يتساهل، أو يؤجل إلا ما يمكن تأجيله من القضايا الخفيفة برضى الخصوم؛ فإن المفاسد تكثر والخصام يتسع، وقد يصل إلى أعظم المفاسد من قتل وفتنة، ووزره الأكبر على الشيخ المحكم لفظا أو عرفا؛ لتعليقه القضايا بين الخصوم؛ وعدم الحزم والحسم مع الإمكان؛ ولأن درء الفتنة بين الناس واجب فوري.

فعلى المحكم درء الفتنة فورا بلا مماطلة لقوله تعالى (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات: ٩)، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) (الحجرات: ١٠)، والتعقيب بالفاء يقتضي الفور.

ولكل قضية فور بحسبها، والفرض الواجب في الجميع حرمة التساهل والمماطلة عمدا مع عدم المانع من البت فيها.

[ردع المفسدين]

ويجب على الشيخ أن يردع المفسدين ممن تحت مشيخته، وأن يمنع وجوبا قطع الطريق والسرقات والقتل والاقتتال، ويحرم إيواء القتلة والمحاماة عنهم، أو الدفاع عن الظلمة


(١) - تقدم تخريجه.
(٢) - أخرجه أحمد في مسنده على شرط الشيخين وهو أول حديث في المسند، أن أبا بكر رضي الله عنه قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) (المائدة: ١٠٥) وأنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه». وهو في سنن ابن ماجة برقم ٤٠٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>