ولأن ثروات المسلمين الأصل أنها لسائر المسلمين، والاختصاص بمواطني الدويلة المعينة اختصاص تقديم أولوي لا حصري، أصله إخراج زكاة بلد على فقرائها، فإن كانوا أغنياء أخرجت الزكاة للفقراء والمساكين خارج البلد.
والدليل على عدم اختصاص الثروات حصريا لأهل ذلك البلد أنه مال عام؛ والعلة في توزيع المال العام هي: الفقر والمسكنة وغيرها من العلل المنصوصة.
وهذه العلل الشرعية ليس منها المواطنة، أو الجنسية الجغرافية، بل قال الله معللا توزيع الفيء من المال العام (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)(الحشر: ٧).
والتقسيم الحدودي السياسي بين دول العرب والمسلمين أصله باطل؛ لمناقضة أصل الأمة الواحدة، والباطل لا يكون علة شرعية، ولذلك انبنى عليه ما يعارض علل الشريعة في كثير من المواضع؛ فكان المال دُولَة بين دويلات العرب النفطية مع فاقة غيرهم من أهل الإسلام.
وفُرِضَ بعلة الحدود السياسية الجغرافية عدم حفظ وسلامة دويلات الإسلام من غزو عدو من غيرهم؛ بحجة عدم التدخل في الشئون الداخلية، وانبنى على ذلك قوة أهل الكفر وضعف دول الإسلام عموما.
[إقراض دولة مسلمة لدولة كافرة]
فإن كان القرض مقدما من دولة غنية مسلمة لدولة غير مسلمة، فإن كانت من أهل السلام فقد يشمله النص (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(الممتحنة: ٨).
وشرط القرض: أن يكون للأمور الإنسانية والمدنية لا الحربية والتسلح؛ لأنه ليس من البر إلا أن تكون الإغاثة لدفع كافر حربي اعتدى عليهم.
وإن كانت الدولة محاربة لأهل الإسلام، وحل بها كارثة إنسانية كمجاعة، أو نزوح؛ فلا مانع من إغاثتهم تبرعا، أو قرضا؛ لأن المدنيين غيرِ المحاربين من بني الإنسانية يشرع الإحسان إليهم؛ لأنه من البر المأذون فيه، لذلك نُهي عن قتل النساء، والأطفال، والعُبَّاد، والمزارعين،