للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- لا يهاجر شعب مسلم لاحتلال:

ولا يهاجر شعب مسلم كلية من وطنه ودولته ولو لاحتلال دول الكفر فضلا عن احتلال الحكم وسلطته من حاكم مفسد في الأرض؛ لأدائه إلى ترك فريضة قطعية هي الدفاع عن وطن ودولة وبلاد الإسلام بالجهاد في سبيل الله بأنواعه، ولأنه لو أجزنا ذلك لجاز النزوح أو الهجرة من وطن آخر ثم ما يليه حتى تخلو بلاد الإسلام من أهلها ودولتها، وهذا لا يقول به مسلم؛ لأنه نقض للإسلام من أصوله وفروعه، ونقض ما أراده الله من أن يكون الدين كله لله والتمكين للمؤمنين، والتكليف بالدفع -حينئذ- فردي (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً) (النساء: ٨٤).

- بطلان زيادة «ولو جلد ظهرك»:

ورواية «اسمع وأطع ولو جلد ظهرك وأخذ مالك» (١) روايةٌ من حديث حذيفة المشهور، وهذه الزيادة فيها علتان تسقطانها: الأولى: الانقطاع، والثانية: مخالفة كافة طرق الأثبات الصحيحة الموصولة التي لم تذكر هذه الزيادة في صحيح البخاري ولا مسلم في سياق روايات الأصول.

وما كان كذلك فهو شاذ منكر ضعيف، وهذه علة لا ينفع معها شيء، لا في الشواهد ولا المتابعات، وإنما أخرجها مسلم في غير حديثه في الأصول بل في المتابعات لينبه على علته وشذوذه كما هو عادته وعادة أهل الحديث.


(١) - رواية «ضرب ظهرك .. » تفرد بها أبو سلام عن حذيفة، قال الدارقطني لم يسمع منه. كما ذكر ذلك العلائي في جامع التحصيل، ط/ عالم الكتب، صـ ٢٨٦. ورواه أبو إدريس الخولاني قال سمعت حذيفة، فذكر الحديث وليس فيه هذه الزيادة فهي زيادة شاذة كما هو معلوم في علم المصطلح ومخالفة الثقة لمن هو أوثق منه، فهذه علة، والعلة الأخرى هي الانقطاع بين أبي سلام وحذيفة، ولذلك أوردها مسلم متابعة ولم يعتمدها. قلت: وتابعه سبيع بن خالد عند الحاكم ٨٣٣٢، وهو مقبول، واختلف في اسمه. قلت: وقد تتبعت جميع روايات حديث حذيفة بن اليمان وليس فيها من طرق الثقات وليس فيها هذه الزيادة. وهذا هو السر في عدم ذكر البخاري له في روايته، وقد رواه عنه من الثقات أبو إدريس الخولاني وقيس ابن أبي حازم وعبدالله بن الصامت وأبو الطفيل، والسفر بن نسير، وزيد بن وهب، وعبدالرحمن بن قرط وغيرهم، فهؤلاء أصحابه من الأثبات وغيرهم لم يذكروا هذه الزيادة فعُلِمَ أنها شاذة منكرة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>