والصلاة في الطائرة إن دخل الوقت مشروعة فرضا ونفلا.
أما النفل فظاهر؛ وأما الفرض؛ فلأن وقت الطلب إذا دخل فقام به المكلف؛ فإن الشرع يعتبر استطاعته الأداء في ذلك الوقت.
فإن لم يستطع استقبال القبلة، جاز إلى حيث اتجه لعموم (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)(البقرة: ١١٥) وهذه نزلت لمن لم تتحدد القبلة عنده في السفر.
وإن لم يستطع الصلاة إلا بالإيماء على مقعده في الطائرة جاز (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا)(البقرة: ٢٨٦)، وإلا للزم على عادم الماء ألا يصلي أول الوقت انتظارا للماء، والمريض ألا يصلي قاعدا أول الوقت انتظارا لزوال علة تزول آخر الوقت بخبر طبيب أو لأثر علاج، ولا يلزمه ذلك، بل يصلي بما توفر له من الاستطاعة.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الفريضة بأصحابه على راحلته لعلة المطر الكثير على الأرض (١).
[النقل المباشر للصلوات عبر وسائل التكنولوجيا]
ونقل الصلوات والأذان بالتلفزة المباشرة من تعظيم شعائر الله (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)(الحج: ٣٢).
ولا يجوز أن يأتم أحد بالإمام عبر الراديو أو التلفزة؛ لأنها لا تسمى صلاة جماعة، لا شرعا ولا لغة ولا عرفا؛ لعدم اجتماعه معهم في محل واحد.
فالجماعة من الجمع والاجتماع، وهذا ليس منه.
(١) - أخرجه الترمذي برقم ٤١٣ عن عمرو بن عثمان بن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير فانتهوا إلى مضيق وحضرت الصلاة فمطروا السماء من فوقهم والبلة من أسفل منهم فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته وأقام -أو أقام- فتقدم على راحلته فصلى بهم يومئ إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع. قلت: ضعيف الإسناد. وقال النووي في المجموع (٣/ ١٠٦): إسناده جيد. وسكت عنه الحافظ في الفتح، وصححه عبدالحق الإشبيلي. قلت: فلعلهم احتملوا الجهالة في طبقة التابعين كما تقدم، وإلا فالحديث ضعيف، ولكن إذا حصل ذلك في مثل هذا الظرف صحت الصلاة.