للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد خطأ الله هذه السياسات في قوله (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ) (القصص: ٨)، وهذا ظاهر في التحريم.

ومن مظاهر العلو عدم سماع ناصح ولا مشاورة حقَّة، واستبداد بالقرار من دون الشعب (مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ) (غافر: ٢٩)، وملاحقة المعارضين سجنا وقتلا واغتيالا وإقصاء واحتقاراً (إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) (الشعراء: ٥٤).

وارتكاب جرائم ضد الإنسانية (لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) (الأعراف: ١٢٤)، و (سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ) (الأعراف: ١٢٧)، والتهديد بالسجن والتصفية (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) (الشعراء: ٢٩)، (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) (غافر: ٢٦).

والاستقواء بالمؤسسة العسكرية والأمنية ضد الشعب المدني الأعزل، كفعل فرعون وهامان وجنودهما بموسى والشعب غير المسلح.

[٤ - سياسة الاستبداد]

والاستبداد محرم؛ لأنه موقع في الخروج عن مقتضيات المصلحة العامة.

وقد أجمع العلماء على خلع من لا يشاور. نقله ابن عطية وغيره (١)؛ وهي من السياسات الباطة التي أوردها الله مورد المقت والذم عن المفسدين في الأرض، وهي قائمة على ما ذكره الله من قول فرعون (مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ) (غافر: ٢٩).

[٥ - الكذب السياسي]

والكذب بأنواعه محرم، إلا ما استثني كصلح، والكذب السياسي أشد تحريما للنص أن الله لا ينظر إلى الإمام الكذاب ولا يزكيه وله عذاب أليم (٢)، وقد جاء في النص «من صدقهم


(١) - حققنا المسألة في كتابنا «الترجيح بالكثرة وأمر الأمير» رسالة دكتوراة. والإجماع منقول عن ابن عطية ونقله عنه القرطبي ثم الشوكاني وغيرهم. وانظر نقل الإجماع في تفسير القرطبي (٤/ ٢٤٩) ط/ دار الكتب المصرية.
(٢) - أخرجه مسلم برقم ٣٠٩ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر».

<<  <  ج: ص:  >  >>