للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحافظ على معالمها، وإشاراتها الدليلية، وكل ما يتعلق بها؛ لأنه جزء من المال العام للمسلمين، وإفساده محرم.

[المعالم التاريخية والآثار والحفاظ عليها وحرمة تهريبها]

وأما المعالم التاريخية الأثرية فهي من الأماكن التي أمر الله بالسير في الأرض والنظر والاعتبار منها (وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ) (الحجر: ٧٦)، (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ* وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (الصافات: ١٣٧ - ١٣٨)، (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) (النمل: ٦٩)، وغيرها من الآيات.

واللازم من الدعوة إلى الاعتبار والنظر ألا يعتدى عليها، ولا تهدم، ولا تطمس؛ لأن الله جعلها عبرة للعالمين إلى يوم القيامة.

ولا تطمس تصاويرها، ولا أصنامها، ولا معابدها؛ لعدم فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ولا أمره رغم مروره بها (١).

وإنما حصر أمره في تكسير الأصنام المعبودة في قبائل العرب آنذاك، ولأن الله لما ذكر هذه الآثار والمعالم للظالمين أمر بالنظر إليها والسير عبرة ولم يأمر بهدمها، وإنما أمر الرسول أن يهدم ما كان معبودا.

هذا ما تحمل عليه الأدلة جمعا وتوفيقا، ومن رام خلاف هذا فقد أجحف وأخطأ، وخالف مقصود الشرع من الأمر بأخذ العبرة والعظة من هذه المعالم.

وكما لا يجوز إتلافها؛ لا يجوز بيعها؛ ولا المتاجرة بأي شيء من تلك الآثار: كان منحوتا، أو ذهبا، أو فضة، أو كتابا؛ لأنها أصبحت ملكا عاما بنظر الدولة، ومالا استثماريا يعود بالنفع والمصلحة العامة على البلاد عامة.


(١) - قولنا «رغم مروره بها» أخرجه البخاري برقم ٣٣٧٩، عن نافع أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أخبره أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود الحجر فاستقوا من بئرها واعتجنوا به فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كان تردها الناقة. وفي لفظ لمسلم برقم ٧٦٥٦ «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>