للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما من وفرة أو شح في الموارد إلا وللإنسان فيه يد.

وفرض حال حصول الكوارث الإنسانية -سواء كانت لحروب أو تقلبات مناخية- تعجيل الإنفاق، والإغاثة للمتضررين لورود النص في خصوص ذلك (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَةٍ* أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ* أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ) (البلد: ١١ - ١٦).

وقلنا «فرض»؛ لأن دفع الضرر العاجل عن الغير واجب كلي كفائي.

فيجب القيام به على المجموع، ولا يسقط الطلب والإثم إلا بذلك؛ لأن الشريعة جاءت لدفع المضار وجلب المصالح، وهذا منها.

وتقدم بسط هذا وغيره مما يتعلق به (١).

- إمكانية الرفاهية للكل:

وتحقيق المعيشة الحسنة والطيبة ممكن للكافة بل إلى الرفاهية بدليل (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى) (الأعراف: ٩٦)، وبدليل (لأكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم) (المائدة: ٦٦).

أما تحقيق الرفاهية الباذخة؛ فمتعذر للكافة؛ لأدائه إلى تعطيل العالم وسيره (٢)؛ بدلالة قوله تعالى (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) (الشورى: ٢٧).

وقوله تعالى (وَيَقْدِرُ لَهُ) في آية أخرى، ولم يقل «يقدر عليه» لبيان أن الحالتين لأجل الإنسانية والإنسان لا عليه (٣).

- معوقات الرفاهية البشرية وحصول البركات الإلهية:

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأعراف: ٩٦).

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ*


(١) - انظر «فقه حقوق الإنسان».
(٢) - لعدم حاجة البعض إلى بعض، وعند حصول الحاجة لا يجدها بمقابل ولا بغير مقابل نظرا لعدم حاجة الطرف الآخر للمعاوضة مما يضطر إلى أخذ ما في يد الآخر بالقوة فيفسد العالم، ويحصل البغي.
(٣) - انظر «فقه حقوق الإنسان» من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>