للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو شخصية عملها الحاكم أو النظام (١) لم تبلغ حد الهدم لأصول الدين وكلياته الكبرى (٢)، ولا تبلغ أن تكون هدما للعقد الدستوري المبرم عليه البيعة (٣)، ولم تبلغ حد الكثرة التي تكون فسادا في الأرض (٤).

ومعلوم أن الاستدلال بالنصوص يلزم فيه:

ألا يعطى الفرعُ حكمَ الأصل المنصوص عليه إلا بتحقق العلة في الفرع؛ فإذا وجد نوع استئثار بالسلطة من الحاكم مع غلبة إصلاحه في الأرض، فيعطى هنا حكم الصبر مِنْ نصّ، ومن نص آخر ينكر عليه بالتي هي أحسن؛ لعدم تعارض الصبر والإنكار، إذ الصبر هو ترك الخروج المسلح والسمع والطاعة بالمعروف.

أما إن وجدت العلة وهي «الأثرة» ووجد معها مظالم وسفك للدماء وفساد في الأرض، من إهلاك التعليم، والتنمية، والزراعة، والموارد، وإفقار الشعب، وارتهان سيادة الدولة؛ فيحرم حينئذ أن يعطى نفس الحكم الذي يعطى لتصرف واحد، وهو الصبر عند وجود الأثرة وبعض المنكرات.

ولا يعطي هذا الحكم على إطلاقه إلا من لم يبلغ درجة النظر في فقه النصوص، أو بلغها ولم يمحص المسألة ويعطها حقها من النظر، أو فعل ذلك فغلبته رغبة دنيا أو رهبة سلطان وهو على كل حال ظالم لنفسه.

[وإذا وجدت العلة في الفرع]

فإن كانت ذات العلة نحو «الاستئثار بالحكم» فهذا ما يسمى عين العلة (٥)، وهو أعلى مراتب التعليل؛ فإن لم توجد ذات العلة بل وجد أمرٌ أعم منها نحو: وجود منكرات بقلة، فهذا يشمل الاستئثار، وبعض المخالفات والأخطاء السياسية، والتجاوزات التي لا تخرجه عن دائرة


(١) - لحديث «من رأى من أميره ما يكره».
(٢) - لحديث «لا، ما صلوا»، وحديث «السمع والطاعة ما أقام فيكم كتاب الله».
(٣) - لقوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: ١)، فمن أبطل شرطا من أصول العقد أبطله؛ لأنه يناقض المقصود منه.
(٤) - لقوله تعالى (وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ* الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) (الشعراء: ١٥١ - ١٥٢).
(٥) - وقد تكون هذه جنس علة؛ لأن الاستئثار متعدد ومتنوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>